كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

وقال الدارقطني في العلل (٥/ ١٣٢): "والصحيح قول من فصله فإنه من كلام الشعبي مرسلًا"، وقال في التتبع (٢٣٤): "وآخر الحديث إنما هو من قول الشعبي مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وقال الترمذي: "وكأن رواية إسماعيل أصح من رواية حفص بن غياث".
وهو ما ذهب إليه مسلم -فيما يدل عليه مسلكه في الصحيح-، وما صرح به الخطيب في الفصل، والله أعلم. وانظر كلام ابن خزيمة في: إتحاف المهرة (١٠/ ٣٥١).
وقال النووي في شرح مسلم (٤/ ١٧٠) معلقًا على كلام الدارقطني: "ومعنى قوله أنه من كلام الشعبي: أنه ليس مرويًا عن ابن مسعود بهذا الحديث، وإلا فالشعبي لا يقول هذا الكلام إلا بتوقيف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والله أعلم".
قلت: قد صح ذلك من حديث أبي هريرة ويأتي.
وعلى هذا فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم" و "فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن": لا يصح من حديث ابن مسعود مرفوعًا، وإنما هو من مرسل الشعبي، والله أعلم.
وبهذا نصل إلى الجواب عن المسألة الثانية: وهي في ثبوت موضع الشاهد من حديث ابن مسعود.
فالجواب ظاهر في عدم ثبوت ذلك من حديث ابن مسعود، أعني: النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث -في حديث الجن-، فضلًا عن ثبوت النهي عن الاستنجاء بالحممة.
• إلا أن هذا الأخير قد ورد النهي عنه في حديث عبد الله بن الحارث بن جَزْء:
يرويه ابن لهيعة، عن ابن المغيرة -يعني: عبيد الله-، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستنجي أحد بعظم أو روثة أو حممة.
أخرجه البزار (٩/ ٢٤٣/ ٣٧٨٣).
وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة.
وانظر: مجمع الزوائد (١/ ٢٠٩).
• وعليه فلا يثبت في النهي عن الاستنجاء بالحممة -وهي: الفحمة- شيء، قال في مغني المحتاج (١/ ١٦١): "والنهي عن الاستنجاء بالفحم ضعيف".
• وأما النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث، وتعليل ذلك بأنهما من طعام الجن فثابت:
من حديث أبي هريرة الذي أخرجه: البخاري (١٥٥ و ٣٨٦٠)، والطحاوي (١/ ١٢٤)، والبيهقي في السنن (١/ ١٠٧)، وفي الدلائل (٢/ ٢٣٣).
من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني جدي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه

الصفحة 137