كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى الخلاء، وقال: "ائتني بثلاثة أحجار"، فالتمست، فوجدت حجرين، ولم أجد الثالث، فأتيته بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: "إنها ركس".
٣ - ورواه معمر بن راشد، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجته، فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فجاءه بحجرين وبروثة، فألقى الروثة، وقال: "إنها ركس؛ ائتني بحجر".
٤ - ورواه زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
٥ - ورواه يزيد بن عطاء الواسطي [ليس بالقوي]، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود، قالا: قال ابن مسعود، ... فذكر نحوه.
قلت: هكذا اختلف على أبي إسحاق السبيعي في هذا الحديث اختلافًا شديدًا، وهذا بعضه، واختلف فيه على إسرائيل، وشريك، وابن أبي زائدة، وغيرهم، ولا يصح من حديث الثوري ولا من حديث شعبة عن أبي إسحاق، والكلام عليه يطول جدًّا، انظر مثلًا: صحيح البخاري (١٥٦)، جامع الترمذي (١٧)، علل الترمذي (١١)، علل ابن أبي حاتم (٩٠)، معجم الطبراني الكبير (١٠/ ٦١ - ٦٣/ ٩٩٥١ - ٩٩٦٠)، الإلزامات والتتبع (٩٤)، علل الدارقطني (٥/ ١٨ - ٣٩/ ٦٨٦)، النفح الشذي (١/ ١٩٧ - ٢١٥)، الإمام (٢/ ٥٦٦ - ٥٧١)، هدي الساري (٣٤٨)، الفتح لابن حجر (١/ ٢٥٧).
وقد قال باضطراب هذا الحديث أو مال إلى القول به: الدارمي، والترمذي، والدارقطني، ورجح أبو زرعة والترمذي رواية إسرائيل، وهو الذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة، لكن مع إمعان النظر، يظهر قوة الوجه الذي لأجله رجح البخاري رواية زهير، فأخرجها في صحيحه، فمنها مثلًا:
١ - زهير أثبت وأحفظ وأضبط لحديثه من إسرائيل، ولا مقارنة، مع كون إسرائيل مقدم عليه في أبي إسحاق خاصة.
٢ - أبو إسحاق بيَّن في رواية زهير أنه كان يقول: أبو عبيدة، لكن الآن رجع عن ذلك، فالحديث ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود، فقد استحضر رواية أبي عبيدة ونفى صحتها، لا سيما مع كون زهير متأخر السماع من أبي إسحاق، وهذا القول من أبي إسحاق يدل على تيقظه وضبطه حال روايته لهذا الحديث، وأنه لم يكن متغيرًا ذاهلًا.
٣ - توبع زهير على هذا الوجه عن أبي إسحاق من قِبَل: يوسف بن أبي إسحاق، وشريك، وابن أبي زائدة، وغيرهم، وإن كان اختلف على الأخيرين.
٤ - تابع أبا إسحاق على هذا الوجه من رواية زهير: ليث بن أبي سليم، وهو صالح في المتابعات.

الصفحة 140