كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)
والقصد ههنا إزالة عين النجاسة، وهذا يحصل بغير الأحجار كحصوله بها، وبهذا يخرج التيمم فإنه غير معقول" [قاله ابن قدامة في المغني (١/ ١٠٤)].
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣٦٣): "ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء بالروث والرمة دليل على أن الاستنجاء لا يختص بالحجر، بل يجوز بكل ما يقوم مقام الحجر في الإنقاء، وهو كل ما كان جامدًا طاهرًا قالعًا غير محترم، مثل المدر والخشب والخزف والخرق ونحوها، ولا يجوز بما يكون نجسًا قياسًا على الروث، ولا يجوز بما لا يقلع كالأملس من الأشياء؛ لأنه ينشر النجاسة ولا يقلعها، ولا يجوز بالعظم؛ لأن النجس منه كالروث، والطاهر منه في معنى الطعام".
وقال شيخ الإسلام [المجموع (٢١/ ٢٠٥)]: "لما أمر بالاستجمار بالأحجار لم يختص الحجر إلا لأنه كان الموجود غالبًا، لا لأن الاستجمار بغيره لا يجوز، بل الصواب قول الجمهور في جواز الاستجمار بغيره، كما هو أظهر الروايتين عن أحمد، لنهيه عن الاستجمار بالروث والرمة وقال: "إنهما طعام إخوانكم من الجن"، فلما نهى عن هذين تعليلًا بهذه العلة؛ علم أن الحكم ليس مختصًا بالحجر، وإلا لم يحتج إلى ذلك".
وقال أيضًا: "وليس نهيه عن الاستجمار بالروث والرمة إذنًا في الاستجمار بكل شيء، بل الاستجمار بطعام الآدميين وعلف دوابهم أولى بالنهي عنه من طعام الجن وعلف دوابهم، ولكن لما كان من عادة الناس أنهم لا يتوقون الاستجمار بما نهى عنه من ذلك، بخلاف طعام الإنس وعلف دوابهم فإنه لا يوجد من يفعله في العادة الغالبة" وانظر: (٢١/ ٥٧٧) و (١٩/ ٣٧).
وقال رحمه الله تعالى (٢١/ ٢١١): "وأما إذا استجمر بالعظم واليمين فإنه يجزئه؛ فإنه قد حصل المقصود بذلك -وإن كان عاصيًا- والإعادة لا فائدة فيها، ولكن قد يؤمر بتنظيف العظم مما لوثه به".
قلت: وهذا مبني على ضعف حديث "إنهما لا يطهران".
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٢٠٧): "ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار"، فلو ذهب معه بخرقة وتنظَّف أكثر من الأحجار، أو قطن، أو صوف، أو خَزٌّ، ونحو ذلك: جاز، وليس للشارع غرض في غير التنظيف والإزالة، فما كان أبلغ في ذلك كان مثل الأحجار في الجواز وأولى".
[راجع: الفتح (١/ ٣٠٨)، المغني (١/ ١٠٣)، كشاف القناع (١/ ٦٨)، المبدع (١/ ٩١)، الإنصاف (١/ ١٠٩)، إعلام الموقعين (٣/ ١٤)، بلغة السالك لأقرب المسالك (١/ ٧١)، مغني المحتاج (١/ ١٦١)، المجموع شرح المهذب (١/ ١٣٢)، الأشباه والنظائر للسيوطي (٥٣١)، التمهيد (١١/ ١٨)، الهداية (١/ ٣٤)، نيل الأوطار (١/ ٩٤)، وغيرها].
***
الصفحة 142
424