كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

فقد وهم ابن عياش في هذا الحديث مرتين:
مرة في إسناده: فجعل عروة بن الزبير بدل عمرو بن خزيمة، فقلبه وسلك فيه الجادة إذ غالب رواية هشام إنما هي عن أبيه.
ومرة في المتن: فزاد فيه ما ليس منه؛ مخالفًا ثقات أصحاب هشام الحفاظ المتقنين.
وإسماعيل ضعيف في روايته عن أهل الحجاز والعراق، وهذا منه.
ب- يونس بن بكير: فقد رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الاستطابة بثلاثة أحجار".
أخرجه ابن عدي (٧/ ١٧٧).
وقال: "وهذه الأحاديث عن هشام تعرف بيونس بن بكير عنه".
قلت: أخطأ فيه يونس [وهو صدوق يخطئ، ليس بذاك الحافظ] بذكر عائشة فيه، وأصحاب هشام الحفاظ يرسلونه عن عروة لا يذكرون عائشة، فقد رواه مالك ويحيى القطان وابن المبارك وابن عيينة: عن هشام عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وهو المحفوظ، وقد تقدم في الطريق الرابعة.
ثم وجدت له متابعة، ولا تصح:
فقد رواه مبارك بن فضالة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيعجز أحدكم أن يستنجي بثلاثة أحجار، وأن يضحك مما يفعل".
أخرجه ابن بشران في الأمالي (١٣٣ و ٩٣٠)، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي: ثنا محمد بن شداد المسمعي: ثنا حجاج بن نصير: ثنا مبارك به.
قلت: مبارك بن فضالة: صدوق، ضعفه بعضهم، وكان كثير التدليس، ولا يقبل منه إلا ما قال فيه: حدثنا، وهو هنا قد عنعنه [التهذيب (٤/ ١٨)، الميزان (٣/ ٤٣١)]، ولا تثبت هذه المتابعة عنه، إذ الإسناد إليه لا يصح، فإن حجاج بن نصير: ضعيف، وكان يقبل التلقين [التقريب (١٣٤)]، ومحمد بن شداد المسمعي: ضعيف [اللسان (٧/ ١٩٥)].
ج- أبو عتبة أحمد بن الفرج: نا بقية: حدثني مبشر بن عبيد: حدثني الحجاج بن أرطأة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: مرَّ سراقة بن مالك المدلجي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن التغوط؟
فأمره أن يتنكب القبلة، ولا يستقبلها، ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح، وأن يستنجي بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب.
أخرجه ابن عدي (٦/ ٤١٩)، والدارقطني (١/ ٥٦ - ٥٧)، والبيهقي (١/ ١١١).
قال ابن عدي: "وهذا الحديث بهذا اللفظ وهذا التمام: لم يروه عن هشام غير الحجاج، وعنه غير مبشر".
وقال الدارقطني: "لم يروه غير مبشر بن عبيد، وهو: متروك الحديث".

الصفحة 151