كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

نافع حديثًا يجمع فيه جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم نجد منها عند الأعمش ولا عند غيره مجموع".
فالجرح هنا مقدم على التعديل، فإن مع الجارح زيادة علم لم يطلع عليها المعدل أو ذهل عنها، وحجتنا في تقديم الجرح هنا هو مجيئه مفسرًا، فقول ابن معين -في رواية أبي داود عنه-: منكر الحديث؛ يدل على اطلاعه على ما خالف فيه الثقات، أو تفرد عنهم بما لا يحتمل، وقد جاء هذا التفسير جليًّا في كلام الجوزجاني، ويزيده إيضاحًا قول ابن أبي حاتم في المراسيل (٣٥٩): "سمعت أبي يقول: وذكر حديثًا رواه عتبة بن أبي حكيم عن أبي سفيان طلحة بن نافع قال: حدثني أبو أيوب وأنس وجابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديثين. قال أبي: لم يسمع أبو سفيان من أبي أيوب شيئًا، فأما جابر: فإن شعبة يقول: لم يسمع أبو سفيان من جابر إلا أربعة أحاديث. قال أبي: وأما أنس: فإنه يحتمل، ويقال: إن أبا سفيان أخذ صحيفة جابر عن سليمان اليشكري".
وبذا يظهر أن عتبة قد أخطأ في هذا الحديث بجمع هؤلاء الثلاثة، وأخطأ بذكر سماع أبي سفيان من أبي أيوب وجابر، ولم يسمع أبو سفيان شيئًا من أبي أيوب، ولم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، والباقي كتاب، وليس هذا من الأربعة التي سمعها [انظر: التهذيب (٤/ ١١٩)، هدي الساري (٤٣١)].
ثم إن عتبة: أُردني، وطلحة بن نافع: واسطي نزل مكة، تفرد به عتبة عن طلحة دون بقية أصحابه الثقات على كثرتهم، لا سيما راويته الأعمش.
وعتبة وإن كان حسن الحديث إلا أنه أخطأ في هذا الحديث، وعليه: فالصواب مع الذين ضعفوه، والله أعلم.
[انظر في ترجمة عتبة بن أبي حكيم: الجرح والتعديل (٦/ ٣٧٠)، أحوال الرجال (٣٠٩)، التهذيب (٥/ ٤٥٦)، الميزان (٣/ ٢٨)، المعرفة والتاريخ (٢/ ٤٥٦)، سؤالات الآجري (٥/ ق ٢١)، سؤالات ابن أبي شيبة (٢٢٨)، المراسيل (٣٥٩)، جامع التحصيل (٣١٣)، تحفة التحصيل (١٥٩)، مغاني الأخيار (٢/ ٦٩٥)، إكمال مغلطاي (٩/ ١٢٢)، تاريخ دمشق (٣٨/ ٢٢٨ - ٢٣٤)].
• ولحديث أبي أيوب إسناد آخر إلا أنه واهٍ:
يرويه عبد الرحيم بن سليمان، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن عطاء بن أبي رباح وأبي سورة، عن عمه أبي أيوب قال: قالوا يا رسول الله! من هؤلاء الذين قال الله عز وجل: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨] قال: "كانوا يستنجون بالماء، وكانوا لا ينامون الليل كله".
أخرجه الحاكم (١/ ١٨٨)، وابن أبي حاتم في التفسير (٦/ ١٨٨٣/ ١٠٠٨١)، والطبراني في الكبير (٤/ ١٧٩/ ٤٠٧٠).
وهذا حديث منكر؛ واصل بن السائب: متروك؛ منكر الحديث، يروي عن عطاء ما

الصفحة 160