كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

الوليد مرسلة بينما رواية صاحبيه عن الأوزاعي مسندة، ثم إنه قد توبع على هذه الرواية كما سيأتي مما يؤكد بأن الوليد قد حفظ الحديث ولم يدلسه.
إذا تبين هذا علمت خطأ ابن السكن في تصحيح حديث جابر الشاذ؛ إذ يقول: "رواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأرجو أن يكونا صحيحين" وقد صحح حديث جابر أيضًا: ابن القطان الفاسي إذ يقول: "وإنما يصح من حديث جابر" [بيان الوهم والإيهام (٥/ ٢٦٠)] والحق أنه شاذ، وقد قال ابن حجر في البلوغ (١/ ٢٧): [وصححه ابن السكن وابن القطان، وهو معلول" فأصاب.
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عكرمة بن عمار -في المحفوظ عنه-، وحديث الأوزاعي -في الراجح عنه، وهي رواية الوليد المرسلة- فقال أبو حاتم: "الصحيح هذا -يعني: حديث الأوزاعي-، وحديثُ عكرمة وهمٌ" [العلل (١/ ٤١/ ٨٨)].
٣ - ورواه أبان بن يزيد العطار [ثقة، مقدم في يحيى بن أبي كثير على غيره، مثل همام والأوزاعي وعكرمة وغيرهم. شرح علل الترمذي (٢٦٩)]، عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. مرسلًا.
أخرجه أبو داود [تحفة الأشراف (٣/ ٤٧٧/ ٤٣٩٧) وانظر: نسخة محمد عوامة (١/ ١٥٦/ ١٦)].
وبذلك تتفق رواية أبان مع رواية الأوزاعي -من رواية الوليد بن مسلم عنه- على إرسال هذا الحديث، وأنه هو المحفوظ.
وهذا يؤكد ما قاله أبو داود في حديث عكرمة إذ يقول: "هذا لم يسنده إلا عكرمة، وهو مرسل عندهم. حدثنا أبو سلمة: حدثنا أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ نحو حديث عكرمة، ثم قال: وعكرمة في يحيى ليس بذاك" [التحفة (٣/ ٤٧٧)].
وهو نفس ما ذهب إليه أبو حاتم في قوله: "الصحيح هذا -يعني: حديث الأوزاعي-، وحديثُ عكرمة وهمٌ".
وقال عبد الحق الإشبيلي: "لم يسنده غير عكرمة بن عمار، وقد اضطرب فيه" [الأحكام الوسطى (١/ ٨٥)].
وانظر: بيان الوهم والإيهام (٣/ ١٤٣ و ٢٧١/ ٨٥٢ و ١٠١٨)، علل الدارقطني (١١/ ٢٩٦/ ٢٢٩٤).
وأما قول الحاكم: "هذا حديث صحيح من حديث يحيى بن أبي كثير"؛ فليس بشيء، إذ لم يسنده عنه سوى عكرمة بن عمار، وأما من هو أثبت منه في يحيى فقد أرسله، أعني: أبانًا والأوزاعي.
• وقد أُعلَّ حديثُ عكرمة أيضًا بالاضطراب في سنده ومتنه:
أما الاضطراب في سنده: فقد قال ابن مهدي وعبد الله بن رجاء وعبد الملك بن

الصفحة 50