كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

قلت: هذا حديث مضطرب، اختلف فيه الثقات على هاشم بن البريد في إسناده ومتنه، وفي تفرده -وهو كوفي- عن ابن عقيل المدني: نظر.
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عيسى بن يونس؟ فقال: "لا أعلم روى هذا الحديث أحد غير هاشم بن البريد" [العلل (١/ ٦٨/٣٤)].
وقال فيه ابن عدي أيضًا: "وهذا لا أعلم رواه عن عبد الله بن محمد بن عقيل إلا هاشم".
وقال الدارقطني في الأفراد (٢/ ٣٥٠/ ١٥٧١): "تفرد به هاشم بن البريد عنه [يعني: عن ابن عقيل]، ولا أعلم حدث به عنه غير عيسى بن يونس".
وابن عقيل: صدوق سيئ الحفظ [التهذيب (٤/ ٤٧٤)] الميزان (٢/ ٤٨٤)، سؤالات الآجري (٥/ ق ٣٥ و ٣٨)].
والحديث قد حسَّنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٤/ ٩٧/ ١٥٣٨) و (٥/ ٦٥٨)، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (١/ ٥٢)، وابن حجر في نتائج الأفكار (١/ ٢٠٨)، ولا يسلم لهم ذلك، وقد تقدم بيان علته، والله أعلم.
فإن قيل: رواية أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن، عن نافع، عن ابن عمر: أن رجلًا مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه الرجل، فردَّ عليه السلام، فلما جاوزه ناداه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول: إني سلمت على رسول الله فلم يردَّ عليَّ، فإذا رأيتَني على هذه الحالة فلا تسلم عليَّ فإنك ان تفعل لا أردُّ عليك"، والتي تقدم ذكرها تحت الحديث السابق (١٦): تشهد لرواية عيسى بن يونس، فيقال: هذه رواية شاذة من حديث ابن عمر؛ لا تصلح في الشواهد! إذ المنكر أبدًا منكر!.
٤ - شعبة [وقيل: سعيد، وقيل: شعبة: ثنا سعيد]، عن محمد بن المنكدر، عن رجل، عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب: أن رجلًا سلَّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بال، فلم يردَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قال بيده إلى الحائط -يعني: أنه تيمم-. كذا عند أحمد من رواية غندر، وفي رواية الطيالسي عن شعبة: عن حنظلة الأنصاري: أن رجلًا سلَّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يردَّ عليه حتى تمسح، وقال: "لم يمنعني أن أردَّ عليك "لا أني لم أكن متوضئًا". أو قال: لم يردَّ عليه حتى تمسح، فرد عليه.
أخرجه الطيالسي (٢/ ٥٩٤/ ١٣٦١)، وأحمد (٥/ ٢٢٥) [وانظر: إتحاف المهرة (٦/ ٥٨٤)، الجرح والتعديل (٣/ ٢٣٩)].
وإسناده ضعيف؛ لأجل المبهم، والاضطراب في اسم راوي الحديث، وعبد الله بن حنظلة: له رؤية وقال إبراهيم الحربي: ليست له صحبة [التهذيب (٤/ ٢٧٨)] [وانظر: التاريخ الكبير (٥/ ٦٧)، الجرح (٥/ ٢٩)، الإصابة (٢/ ٢٩٩)]. وأما أبوه حنظلة بن أبي عامر الراهب، وهو المعروف بغسيل الملائكة، فقد استشهد بأُحد، فلا يبعد إرساله، والله أعلم.

الصفحة 61