كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

عفان: "كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يخالف فلا يرجع إلى كتابه، ثم رجع بعدُ قنظر في كتبه، فقال: يا عفان! كنا نخطئ كثيرًا فنستغفر الله تعالى" [التهذيب (٩/ ٧٤)، الميزان (٤/ ٣٠٩)].
ويحيى بن المتوكل: قال ابن معين: "لا أعرفه"، قال ابن حجر في نكته على ابن الصلاح (٢/ ٦٧٨): "أراد به جهالة عدالته، لا جهالة عينه؛ فلا يُعترض عليه بكونه روى عنه جماعة، فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "وكان يخطئ" [التهذيب (٩/ ٢٨٨)].
وأما يحيى بن الضريس: فصدوق [التقريب (١٠٥٨)].
فلا تقاوم روايةُ هؤلاء الثلاثة -على ما علمت من حالهم- روايةَ هؤلاء الستة، وفيهم ثقات أثبات متقنون من أثبت أصحاب الرجل.
الرابع: أن الرواية المحفوظة: رواها عن ابن جريج المكي: ثلاثة مكيون -أعني: من أهل بلده-، وثلاثة من الغرباء: مصيصي وبصري ويماني، وأما الرواية الشاذة: فانفرد بها الغرباء دون أهل بلده؛ فهمام ويحيى بن المتوكل: بصريان، وابن الضريس: رازي؛ والحديث الذي اشتهر في بلده وخارجها أولى من الذي لم يعرف إلا خارج بلده.
الخامس: قال ابن حجر في النكت: "فإن الشيخين لم يخرجا من رواية همام عن ابن جريج شيئًا؛ لأن أخذه عنه كان لما كان ابن جريج بالبصرة، والذين سمعوا من ابن جريج بالبصرة في حديثهم خللٌ من قبله، والخلل في هذا الحديث من جهة أن ابن جريج دلسه عن الزهري بإسقاط الواسطة، وهو زياد بن سعد، ووَهِم همام في لفظه على ما جزم به أبو داود وغيره، هذا وجه حكمه عليه بكونه منكرًا، وحُكْم النسائي عليه بكونه غير محفوظ: أصوب، فإنه شاذ في الحقيقة؛ إذ المنفرد به من ضرط الصحيح لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذًا".
قلت: وافق النسائي في حكمه هذا: الدارقطني، فقد قال في العلل عن رواية الجماعة: "وهذا هو المحفوظ، وهو الصحيح عن ابن جريج" [البدر المنير (٣٣٧)].
وقد روى هذا الحديث عن الزهري -غير زياد بن سعد-: إبراهيم بن سعد، ويونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة:
أخرج حديثهم: البخاري (٥٨٦٨)، ومسلم (٢٠٩٣ و ٢٠٩٤)، وأبو عوانة (٥/ ٢٥٤ - ٢٥٨/ ٨٦٢٢ - ٨٦٢٦ و ٨٦٣٤ - ٨٦٤٠)، وأبو داود (٤٢١٦ و ٤٢٢١)، والترمذي (١٧٣٩)، والنسائي (٨/ ١٧٢ - ١٧٣/ ٥١٩٦ و ٥١٩٧) و (٨/ ١٩٢ - ١٩٣/ ٥٢٧٧ و ٥٢٧٩) و (٨/ ١٩٥/ ٥٢٩١)، وابن ماجه (٣٦٤١ و ٣٦٤٦)، وابن حبان (١٢/ ٣٠٢/ ٥٤٩٠)، وأحمد (٣/ ١٦٠ و ٢٠٩ و ٢٢٣ و ٢٢٥)، وأبو يعلى (٦/ ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٤٨ و ٢٦٢ و ٢٧٦/ ٣٥٣٦ و ٣٥٣٨ و ٣٥٤٤ و ٣٥٦٥ و ٣٥٨٤)، والطبراني في الأوسط (٥/ ٢٧٣/ ٥٢٩٥)، والبيهقي في السنن (٤/ ١٤٢)، وفي الشعب (٥/ ١٩٦/ ٦٣٤٠)، وغيرهم.

الصفحة 69