كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 1)

يضره تفرده بهذا الحديث، وهو أثبت من ابن فضيل بدرجات، بل إن الدارقطني لما سئل عن أرفع الرواة عن الأعمش؟ ختمهم بابن فضيل، وقال: "وقد غلِط عليه في شيء" [سؤالات ابن بكير (٣٨)]، فكيف بعد ذلك تقدم روايته على من هو أثبت منه بكثير، أعني أبا عوانة، ولم أر أحدًا تكلم في رواية أبي عوانة عن الأعمش، بل إنه مقدم فيه على عبد الواحد بن زياد، فقد سأل عثمانُ بن سعيد الدارميُّ ابنَ معين عن أصحاب الأعمش وعن أثبت الناس فيه، فقال (٥٢): "قلت: فأبو عوانة أحب فيه أو عبد الواحد؟ فقال: أبو عوانة أحب إليَّ، وعبد الواحد ثقة" [وانظر: شرح علل الترمذي (٢٩٦)].
وعليه: فهو حديث صحيح، كما قال البخاري، والدارقطني، والحاكم، وغيرهم، والله أعلم.
الإسناد الثاني: يرويه محمد بن الصباح السمان البصري: نا أزهر بن سعد السمان، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه".
أخرجه الدارقطني (١/ ١٢٨) بإسناد صحيح إلى محمد بن الصباح السمان البصري، ومن فوقه من لدن أزهر: ثقات؛ رجال الشيخين، ومن لدن ابن عون: إسناد على شرط الشيخين، إلا أن محمد بن الصباح السمان هذا قال فيه الذهبي: "لا يعرف، وخبره منكر" [الميزان (٣/ ٥٨٣)، اللسان (٥/ ٢٣١)] ففي تفرد مثله بمثل هذا الإسناد: نكارة ظاهرة.
وقد قال الدارقطني بعده: "الصواب مرسل".
٢ - وأما حديث ابن عباس:
فيرويه إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عامة عذاب القبر من البول، فتنزهوا من البول".
أخرجه الدارقطني (١/ ١٢٨)، والحاكم (١/ ١٨٣)، وعبد بن حميد (٦٤٢)، والبزار (١١/ ١٧٠/ ٤٩٠٧)، والطحاوي في المشكل (٢/ ٥٨٠/ ١٢٨٣ - ترتيبه)، والطبراني في الكبير (١١/ ٨٤/ ١١١٢٠)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (٢/ ٣٣٦)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (١٢١)، وفي المعرفة (٢/ ٢٣٤/ ١٢٤٣).
قال الدارقطني: "لا بأس به" يعني: في الشواهد، وإلا فقد قال أحمد بن حنبل في أبي يحيى القتات: "روى إسرائيل عن أبي يحيى القتات أحاديث مناكير جدًّا، كثيرة" ورمى بالعهدة فيها على القتات هذا، وهو لين الحديث [التقريب (١٢٢٤)].
• ورواه أيضًا: زيد بن الحريش: ثنا عبد الله بن خراش، عن العوام بن حوشب، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعًا به.
أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٧٩/ ١١١٠٤).
وهذا منكر؛ تفرد به عبد الله بن خراش، وهو منكر الحديث، عن الثقة الثبت العوام بن حوشب [التهذيب (٤/ ٢٨٢)، الميزان (٢/ ٤١٣)] وقد أكثر الرواية عن عمه

الصفحة 79