كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

قال البزار: "ولا نعلم روى أبو سلمة عن حمران إلا هذا الحديث".
قلت: وهذا منكر، ففي تفرد عبد الرحمن بن وردان به عن أبي سلمة: نكارة ظاهرة، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن ثقة مكثر، قد روى عنه جماعات من الثقات، وعبد الرحمن بن وردان ليس بالحافظ الَّذي يعتمد على حفظه فيُحتمل تفرده، بل هو ممن يهِم ويخطئ، قال فيه أبو حاتم: "هو شيخ، ما بحديثه بأس"، وقال ابن معين: "صالح"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي"، وفي سؤالات البرقاني: "مدني يعتبر به"، وفي موضع آخر: "مدني صالح، يحدث عن أنس" [التهذيب (٥/ ١٩٥)، الجرح والتعديل (٥/ ٢٩٥)، الميزان (٢/ ٥٩٦)، الإكمال لمغلطاي (٨/ ٢٤٩)، سؤالات البرقاني (٢٧٢ و ٥٧٦ و ٥٧٧)].
قال ابن سيد الناس في النفح الشذي (١/ ٣٤١): "فلولا مخالفة عبد الرحمن الثقات في انفراده بالتثليث؛ لكان صحيحًا أو حسنًا] [وانظر: البدر المنير (٢/ ١٧١)].
وسيأتي كلام أبي داود في هذا المعنى، وكذا البيهقي، فقد ضعفا حديثه في عموم الأحاديث الدالة على تكرار مسح الرأس، وانظر: المغني لابن قدامة (١/ ٨٨).
***
١٠٨ - قال أبو داود: حدثنا محمد بن داود الإسكندراني: حدثنا زياد بن يونس: حدثني سعيد بن زياد المؤذن، عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي، قال: سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء؟ فقال: رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء، فدعا بماء، فأتي بميضاة، فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء، فتمضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثًا، وغسل يده اليسرى ثلاثًا، ثم أدخل يده فأخذ ماءً فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؛ هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ.
قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنَّه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، وقالوا فيها: "ومسح رأسه"، ولم يذكروا عددًا، كما ذكروا في غيره.
• حديث منكر
أخرجه من طريقه: البيهقي (١/ ٤٩ و ٦٤).
وهذا منكر أيضًا بذكر الفصل بين المضمضة والاستنشاق ثلاثًا ثلاثًا، كل على حدة، وبذكر مسح الأذنين في حديث عثمان، والحفاظ يروونه بدون هاتين الخصلتين، ولا تروى إلا من طرق ضعيفة.

الصفحة 16