كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

عثمان بن عفان، قال: رأيت عثمان بن عفان قاعدًا في المقاعد، فدعا بوضوء فتوضأ، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقعدي هذا توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: "من توضأ مثل وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تغتروا".
أخرجه النسائي في الكبرى (١/ ١٤٤/ ١٧٥)، وابن ماجة (٢٨٥)، وابن حبان (٢/ ٧٥/ ٣٦٥)، وأحمد (١/ ٦٦)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (١٤١١)، والطحاوي في المشكل (١/ ٣٢٥/ ٣٠٩ - ترتيبه)، والبيهقي في الشعب (٨/ ٣/ ٢٧٢٣).
وقد اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير، وهذا الوجه ليس بمحفوظ عنه، ومن ثم ليس محفوظًا من حديث شقيق بن سلمة من هذا الوجه.
قال أبو حاتم: "هذا خطأ؛ إنما هو: محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن حمران، وليس لأبي وائل معنى، هذا الغلط من الوليد فيما أرى" [العلل (١/ ١٥٧ ٤٤٤)]، قلت: يعني: الوليد بن مسلم راويه عن الأوزاعي عن يحيى، ولم ينفرد به عن الأوزاعي، بل تابعه عليه جماعة من أصحاب الأوزاعي، منهم: أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج [وهو: ثقة]، ومن ثم فالوهم فيه عندي من الأوزاعي نفسه، فقد كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير، ولم يكن عنده في كتاب، إنما كان يحدث به من حفظه، فيهم فيه [شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧٧)]، والطريق الَّذي رجحه أبو حاتم: وصله ابن ماجة (٢٨٥ م): من طريق عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين: حدثنا الأوزاعي به، وابن أبي العشرين: صدوق، وكان يخالف في حديثه.
ولذلك فقد اختار البخاري وجهًا آخر، فأخرجه في صحيحه (٦٤٣٣)، وهو ما رواه شيبان بن عبد الرحمن النحوي [ثقة، من أصحاب يحيى]، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم القرشي: أخبرني معاذ بن عبد الرحمن: أن ابن أبان أخبره، قال: أتيت عثمان بن عفان بطَهور، وهو جالس على المقاعد، فتوضأ فاحسن الوضوء، ثم قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وهو في هذا المجلس فأحسن الوضوء، ثم قال: "من توضأ مثل هذا الوضوء، ثم أتى المسجد فركع ركعتين، ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه"، قال: وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغتروا".
وأخرجه من هذا الوجه أيضًا: النسائي في الكبرى (١/ ١٤٣/ ١٧٤)، وأحمد (١/ ٦٤)، والبزار (٢/ ٨٤/ ٤٣٦)، والطحاوي في المشكل (١/ ٣٢٤/ ٣٠٨ - ترتيبه).
وقد رواه مسلم في صحيحه (١٣/ ٢٣٢)، والنسائي (٢/ ١١١/ ٨٥٦)، وابن خزيمة (٢/ ٣٧٣/ ١٤٨٩)، وأحمد (١/ ٦٧ و ٧١)، والبزار (٢/ ٨٥/ ٤٣٧)، والبيهقي (١/ ٨٢)، من وجه آخر:
من طريق عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ونافع بن جبير بن مطعم، عن معاذ بن عبد الرحمن به نحو حديث شيبان، مما يدل على كونه محفوظًا من هذا الوجه، وأن شيبان قد حفظه عن يحيى، وأن من رواه على غير هذا الوجه فقد وهم، والله أعلم.
ورجح الطحاوي في المشكل رواية شيبان على رواية الأوزاعي، فقال: "وكان ما

الصفحة 25