كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

وهذه المناظرة رواها الدارقطني في سننه (١/ ١٥٠)، والحاكم في مستدركه (١/ ١٣٩)، وعنه: البيهقي في السنن (١/ ١٣٦)، وفي المعرفة (١/ ٢٣٤/ ٢٠٨)، وفي الخلافيات (٢/ ٣٠٦ و ٣٠٨/ ٥٩٨ و ٥٩٩)، وأبو بكر بن العربي في العارضة (١/ ١٥٠)، وأبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (٢/ ٢٩٥)، وانظر: الأوسط (١/ ٢٠٤)، معالم السنن (١/ ٥٧).
من طريق عبد الله بن يحيى بن موسى أبي محمد السرخسي القاضي: لقيه ابن عدي، واتهمه بالكذب في روايته عن علي بن حجر ونحوه، قال ابن عدي: "حدث بأحاديث لم يتابعوه عليها، وكان متهمًا في روايته عن قوم لم يلحقهم" [الكامل (٤/ ٢٦٨)، وانظر: الأنساب (٣/ ٤٩٥)، تاريخ دمشق (٣٣/ ٣٦٤)، اللسان (٥/ ٣٨)].
قال ابن الهادي في شرح العلل (٩٤): "وهذه الحكاية بعيدة من الصحة من وجوه عديدة، وقد تفرد بها عبد الله بن يحيى السرخسي، وهو: متهم".
وقد اعتمد البيهقي على هذه الحكاية في تضعيف قيس، فقال في الخلافيات (٢/ ٢٨٢): "وقيس بن طلق: ليس بالقوي عندهم، غمزه يحيى بن معين بين يدي أحمد بن حنبل، وقال: لا يحتج بحديثه".
وأما قول الخلال عن أحمد: "غيره أثبت منه": فلا يعني تضعيفه، فقد قال أحمد [في سؤالات أبي داود له (٥٥١)]: "لا أعلم به بأسًا"، مع كونه يرد خبره.
وقال ابن القطان: "يقتضي أن يكون خبره حسنًا لا صحيحًا" [انظر: بيان الوهم (٤/ ١٤٤/ ١٥٨٧)]، وهو كما قال.
وقال ابن عبد الهادي في شرح العلل (٨٦): "والذي يظهر أن حديث قيس: حسن، أو: صحيح، ولم يأت من ضعفه بحجة".
قلت: هو حسن، وإسناده يمامي، وأما حديث بسرة فهو: صحيح، وإسناده مدني، وله شواهد صحيحة أيضًا، بخلاف حديث طلق.
وللعلماء مذاهب في حديث بسرة وشواهده، وحديث طلق بن علي، والراجح عندي -والله أعلم-: مذهب من قال بالنسخ، على أن الحديثين صحيحان.
قال ابن حبان (٣/ ٤٠٤) بعد أن روى بإسناده (١١٢٢)، عن ملازم بن عمرو: ثنا جدي عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال: بنيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسجد المدينة، فكان يقول: "قدموا اليمامي من الطين فإنه من أحسنكم له مسًا".
قال ابن حبان: "خبر طلق بن علي الذي ذكرناه: خبر منسوخ؛ لأن طلق بن علي كان قدومه على النبي - صلى الله عليه وسلم - أول سنة من مشي الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس الذكر، على حسب ما ذكرناه قبل، وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة، فدل ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بن علي بسبع سنين".

الصفحة 362