كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

وهذا عندي اضطراب في متن الحديث، لم يحفظه سهيل بن أبي صالح، فهو حديث معلول، كما حكى البيهقي في السنن.
وبيان علته ما رواه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٢٨)، والبزار (١٦/ ١٤٩/ ٩٢٤٦)، وابن الأعرابي في المعجم (٤٤٦): من طريق شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "توضؤوا مما غيرت النار".
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، والأعمش أحفظ لحديث أبي صالح من ابنه سهيل، وكذلك فتوى أبي هريرة بخلاف حديث سهيل، ويأتي بيان ذلك تحت الحديث (١٩٤).
• وفي الجملة فإنه لا يصح شيء في هذا الباب.
وقد روي ما يعارضها من حديث عائشة وابن وقش:
أ - أما حديث عائشة:
فيرويه عبد العزيز بن عمران، عن ابن لعبد الرحمن بن عوف، عن عائشة قالت: كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضوء مما مست النار.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ١٥٣).
وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ عبد العزيز بن عمران هو: ابن أبي ثابت: متروك، وشيخه: مبهم.
ب - وأما حديث سلمة بن سلامة بن وقش:
فيرويه الليث بن سعد، عن زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة الأنصاري - من بني عبد الأشهل -، عن أبيه جبيرة بن محمود، عن سلمة بن سلامة بن وقش - وكان آخر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفاة إلا أن يكون أنس بن مالك فإنه بقي بعده -: أنهما دخلا وليمة، وسلمة على وضوء، فأكلوا ثم خرجوا، فتوضأ سلمة، فقال له جبيرة: ألم تكن على وضوء؛ قال: بلى، ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا من دعوة دعينا لها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وضوء، فأكل ثم توضأ، فقلت له: ألم تكن على وضوء يا رسول الله؟ قال: "بلى، ولكن الأمور تحدث، وهذا مما حدث".
أخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (١/ ١٥٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ١٢/ ١٩٥٦)، والطبراني في الكبير (٧/ ٤١/ ٦٣٢٦)، وابن شاهين في الناسخ (٦٢)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٤١٨)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٣/ ١٣٣٨/ ٣٣٧٤)، والبيهقي (١/ ١٥٦ - ١٥٧)، والحازمي في الاعتبار (٣٤).
وإسناده ضعيف جدًّا؛ زيد بن جبيرة: متروك، وأبوه: جبيرة بن محمود: لا يعرف إلا بابنه زيد هذا، قال الدارقطني: "لا يُعرف أبوه إلا به" [الضعفاء (٢٣٢)]، وقال ابن المديني: "مجهول، روى عن سلمة بن سلامة بن وقش، ولا يُدرى سمع منه أم لا؛ لأنه لم يقل: سمعت" [اللسان (٢/ ١٢٥)].
• وعلى هذا فلا يصح في حديث واحد: إثبات الناسخ والمنسوخ، وبيان أيهما المتقدم والمتأخر.
***

الصفحة 401