كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 2)

ثم قال: "وشاهده،. . ."، فأسنده من طريق الحسن بن سفيان عن حرملة به.
وعنه: أخرجه البيهقي في الخلافيات (١/ ٣٣٩ - ٣٤١/ ١٣٢ و ١٣٤)، وقال: "ذكر الحاكم أبو عبد الله -رحمه الله تعالى- هذا الحديث في كتاب المستدرك، وأشار إلى تفرد ابن أبي عبيد الله بذلك، ثم استشهد بحديث الحسن بن سفيان هذا، ورواه في السادس عشر من الأمالي القديمة من حديث الهيثم بن خارجة كما ذكرناه، فثبت بذلك صحة طريقه إلى عبد الله بن وهب المصري" [انظر: الإمام في معرفة أحاديث الأحكام (١/ ٥٨٠)، ذيل على ميزان الاعتدال (٦٣٨)].
قلت: حديث الهيثم بن خارجة، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن حبان بن واسع الأنصاري: أن أباه حدثه: أنه سمع عبد الله بن زيد، يذكر أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؛ فأخذ لأذنيه ماءً خلاف الماء الذي أخذ لرأسه.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٦٥)، وفي الخلافيات (١٣٣).
قال في السنن: "وهذا إسناد صحيح".
قلت: وهو كما قال؛ فإن الهيثم بن خارجة، المروذي نزيل بغداد: ثقة؛ إلا أن متن الحديث شاذ بهذا السياق.
نعم؛ لم يتفرد به الهيثم عن ابن وهب، فقد تابعه حرملة بن يحيى [على اختلاف عليه فيه]، وأما متابعة عبد العزيز بن عمران بن مقلاص [مصري: صدوق. الجرح والتعديل (٥/ ٣٩١)]: فلا تثبت؛ فقد تفرد بها عنه: محمد بن أحمد بن أبي عبيد الله المصري، وهو لا يعرف.
والسبب في حكمي على هذه الرواية بالشذوذ، مع صحة الإسناد إلى ابن وهب: أمور منها:
• الأول: الاختلاف على حرملة بن يحيى في لفظ هذا الحديث، فقد رواه عنه ثقتان بما يوافق رواية جماعة الثقات عن ابن وهب، وخالفهما ثقة واحد، ورواية الأكثر أولى بالقبول من جهة العدد، ومن جهة موافقة هذه الرواية لرواية من رواه عن ابن وهب من الثقات.
• الثاني: أن الهيثم بن خارجة من الغرباء، وقد خالف في لفظ هذا الحديث بلدي الراوي، فقد رواه عن ابن وهب بالرواية المحفوظة: ستة من أهل بلده، ومن نزلائها، وتابعهم: بغداديان ومروزيان؛ بل ورجل من أهل بيته، وأهل بيت الرجل أعلم بحديثه من غيرهم، وعليه فروايتهم أولى بالصواب، وهي المحفوظة.
• الثالث: أن رواية الجماعة عن ابن وهب قد صححها جمع من العلماء، منهم: الإمام مسلم، فأخرجها في صحيحه، والترمذي، فقد قال: "حسن صحيح"، والبيهقي، فقال: "وهذا أصح من الذي قبله"، يعني: من رواية الهيثم بن خارجة ومن تابعه، وصححها أيضًا: ابن خزيمة وابن حبان وأبو عوانة وأبو نعيم، وقال ابن حجر في البلوغ (٣٩) عن رواية مسلم: "وهو المحفوظ".

الصفحة 53