كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)

٣ - ورواه زياد بن أيوب [ثقة حافظ، لقَّبه أحمد: شعبة الصغير]، قال: ثنا أبو معاوية: ثنا الأعمش: حدثني شقيق -أو: حُدِّثت عنه-، عن عبد الله به.
أخرجه ابن خزيمة؛ وبه أعل الخبر.
وعليه فإن رواية زياد بن أيوب هذه هي الموضحة لرواية هناد ومحمد بن حماد.
وهو أن الشك إنما وقع في صيغة الأداء بين الأعمش وشقيق، بل في الاتصال بينهما؛ هل سمعه الأعمش من شقيق، أم بينهما واسطة؟
وعلى هذا فإن رواية أبي معاوية عن الأعمش هي التي أعلت هذا الخبر.
وقد اعتمدت عليها؛ لأن أبا معاوية من أخص أصحاب الأعمش، وأحفظهم لحديثه، وقدَّمه بعضهم على أصحاب الأعمش.
ولأن الأعمش لم يصرح بالسماع من شقيق في شيء من طرق الحديث، لا في رواية ابن عيينة عنه، ولا في رواية جرير، ولا في رواية ابن إدريس، ولا في رواية هشيم، ولا غيرهم، بل رواه بالعنعنة، فبقيت شبهة تدليسه، والتي أبان عنها أبو معاوية في روايته.
• ومما يؤكد هذا، وهو أن الأعمش لم يسمع هذا الحديث من شقيق؛ أقوال الأئمة:
١ - فهذا ابن معين يروي عنه عباس الدوري في تاريخه (٣/ ٤٤٧)، يقول ابن معين: "في حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: كنا نصلي، ولا نكف شعرًا. قال يحيى: حدث به أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق -أو: حُدِّث به عنه-، هكذا قال أبو معاوية".
وفي هذا إعلال من ابن معين لحديث عبد الله هذا بعدم السماع والانقطاع بين الأعمش وشقيق.
٢ - وهذا الإمام أحمد بن حنبل يقول في العلل (٢١٥٥): "هذا لم يسمعه هشيم من الأعمش، ولا الأعمش سمعه من أبي وائل".
وقال الإمام أحمد: "كان الأعمش يدلس هذا الحديث، لم يسمعه من أبي وائل، قال مهنا: فقلت له: عمن هو؟ قال: كان الأعمش يرويه عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي وائل، فطرح الحسن بن عمرو، وجعله عن أبي وائل، ولم يسمعه منه" [جامع التحصيل (١٨٩)، تحفة التحصيل (١٣٦)].
٣ - وهذا الإمام ابن خريمة بعدما أملى هذا الخبر وحدث به في صحيحه، أبان عن علته، فقال: "لهذا الخبر علة، لم يسمعه الأعمش من شقيق؛ لم أكن فهمته في الوقت الدي أمليت هذا الخبر" [إتحاف المهرة (١٠/ ٢٢٣)، صحيح ابن خزيمة (١/ ٢٦)].
٤ - ولم يسكت عليه أبو داود، فقد أتبعه ببيان علته، مما يشعر بتضعيفه له.
ولم يطلع على هذه العلة الحاكم؛ فصحح الحديث على شرط الشيخين.
وأما الدارقطني فقد قال في العلل (٥/ ١١٠)، لما سئل عن هذا الحديث: "رواه أبو

الصفحة 18