كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)
معمر القطيعي [هو: إسماعيل بن إبراهيم بن معمر: ثقة مأمون]، عن ابن عيينة، عن الأعمش، عن رجل، عن أبي وائل، عن عبد الله.
وخالفه أصحاب ابن عيينة؛ فرووه عنه، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله، منهم: قتيبة، وإبراهيم بن محمد الشافعي، وعبد الجبار بن العلاء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعبد الله بن محمد الزهري.
وكذلك قال أصحاب الأعمش: الثوري، وشريك، وحفص بن غياث، وأبو معاوية، وعبد الله بن إدريس، وهشيم، وأبو خالد الأحمر، كلهم: عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله.
وهو أشبه بالصواب.
ويقال: "إن الأعمش أخذ هذا الحديث عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي وائل".
وكلام الدارقطني هذا يحتمل أمرين:
إما أن يقال بأنه رجح الرواية المتصلة على الرواية المشتملة على واسطة مبهمة، فيصح به الحديث عنده، من جهة أن طرق الحديث لم تُظهر لنا أن الأعمش دلس هذا الحديث، وأنه سمعه من غير شيخه أبي وائل؛ فهو باقٍ على اتصاله حتى يظهر لنا أن الأعمش قد دلسه.
وإما أن يقال بأن الدارقطني فقط رجح الرواية غير المشتملة على الواسطة على التي فيها "عن رجل"، ويبقى حينئذ النظر في عنعنة الأعمش في رواية هؤلاء الجماعة، هل دلس فيها الأعمش أم لا؟ ثم ذكر احتمالًا لوقوع هذا التدليس، وهو أن هذا الحديث يرويه الحسن بن عمرو الفقيمي [وهو ثقة]، عن أبي وائل، فأخذه الأعمش من الحسن، ثم دلسه، فرواه عن شيخه أبي وائل بلا واسطة، إذ هو مكثر عنه، وسماعه منه مشهور.
والذي يظهر لي -والله أعلم-: أن الأعمش لم يسمع هذا الحديث من شقيق، كما جزم بذلك أحمد وابن خزيمة، لرواية أبي معاوية، وإنما دلسه الأعمش على أصحابه الآخرين، فرواه بالعنعنة، وهو لم يسمعه من شقيق، وإلا لصرح بالسماع ولو مرة.
وإنما سمعه الأعمش من الحسن بن عمرو الفقيمي، ثم دلسه، كما قال الإمام أحمد، والحسن: ثقة، فإذا علمنا أن الأعمش قد دلسه عن ثقة، فمثل هذا لا يضره، والله أعلم، وعليه: فهو حديث صحيح.
وقد عثرت على رواية الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي وائل؛ لكن بإسناد لا يصح إليه:
فقد روى ابن عدي في كامله (٥/ ١٤٧)، من طريق: عمرو بن عبد الغفار الفقيمي: ثنا الحسن بن عمرو، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله، قال: لقد رأيتني ما أكف شعرًا ولا ثوبًا، ولا نتوضأ من موطئ.
الصفحة 19
400