كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)
• وله شاهد آخر من حديث أبي أمامة؛ لكنه موضوع:
يرويه أبو معاوية: ثنا أبو قيس، عن يحيى بن أبي صالح، عن أبي سلام الحبشي، عن أبي أمامة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتوضأ من موطئ.
أخرجه الطبراني في الكبير (٨/ ١٢٠/ ٧٥٤٩).
قال الهيثمي في المجمع (١/ ٢٨٥ - ٢٨٦): "فيه أبو قيس: محمد بن سعيد المصلوب، وهو: ضعيف".
قلت: بل كذاب؛ معروف بوضع الحديث.
• وأما فقه المسألة:
قال الترمذي في الجامع (١٤٣)، بعد حديثه أم سلمة "يطهره ما بعده": "وفي الباب: عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نتوضأ من الموطأ.
قال أبو عيسى: وهو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا وطئ الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطبًا فيغسل ما أصابه".
وقال ابن المنذر في الأوسط (٢/ ١٧٣): "والأشياء على الطهارة حتى يوجد نجسًا بعينه عينًا قائمًا فيزال ذلك، وفي حديث أنس: دليل على أن الطين إذا غلب عليه الماء وخالطه وإن كان فيه بول: لم يضره، وطهره الماء"، يعني: حديث الأعرابي الذي صُبَّ على بوله ذَنوب من ماء.
وقال ابن رجب في الفتح (٢/ ٢٧٥): "والمراد بذلك: أن من مشى حافيًا على الأرض النجسة اليابسة، أو خاض طين المطر، فإنه يصلي ولا يغسل رجليه، وقد ذكر مالك وغيره: أن الناس لم يزالوا على ذلك. وذكره ابن المنذر إجماعًا من أهل العلم، إلا عن عطاء، فإنه قال: يغسل رجليه. قال: ويشبه أن يكون هذا منه استحبابًا لا إيجابًا.
قال: وبقول جُلَّ أهل العلم نقول. وهذا يبين أن جمهور العلماء لا يرون غسل ما يصيب الرجل من الأرض، مما لا تتحقق نجاسته، ولا التنزه عنه في الصلاة".
وقال في موضع آخر (٢/ ٣٣٦): "ومعنى هذا: أن من كان حافيًا فوطئ على نجاسة يابسة لم تعلق برجله: فإنه يصلي ولا يغسل رجليه، وإن أصابه نجاسة رطبة غسلها".
هكذا حملوا الوضوء على غسل القدم، لكن قال الخطابي في المعالم (١/ ٦٣): "وإنما أراد بذلك: أنهم كانوا لا يعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم لا أنهم كانوا لا يغسلون أرجلهم، ولا ينظفونها من الأذى إذا أصابها".
وتبعه على ذلك ابن الأثير، فقال في النهاية (٥/ ٢٠٢): "أي: ما يوطأ من الأذى في الطريق؛ أراد: لا نعيد الوضوء منه، لا أنهم كانوا لا يغسلونه".
وانظر: التمهيد (٥/ ١٠٩).
***
الصفحة 21
400