كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)

ولا أرى أن ابن جريج أُتي في ذلك كلُّه إلا من قبل التدليس، فإن عبد الرزاق قد رواه عن ابن جريج، عن ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد، عن عمه عمر بن طلحة، عن أم حبيبة به هكذا.
قال البخاري: "وقال غيره: عن ابن جريج حُدثت عن ابن عقيل".
وقال أحمد بن حنبل في حديث حمنة بنت جحش: "قال ابن جريج: حُدثت عن ابن عقيل، محمد بن عبد الله بن عقيل، وهو خطأ، وقال: إنما هو عبد الله بن محمد بن عقيل، وقال: عن حبيبة بنت جحش، خالف الناس" [العلل (٤١٢٠)].
وقال في موضع آخر: "ابن جريج يرويه -يعني: حديث حمنة- يقول: حُدثت عن ابن عقيل، لم يسمعه، ويقول: عن محمد بن عبد الله بن عقيل؛ قلب اسمه، قال: يقولون: وافقه النعمان بن راشد، قال: ابن جريج يروي عن النعمان بن راشد، وما أراه إلا سمعه منه، والنعمان بن راشد: ليس بقوي في الحديث، تعرف فيه الضعف" [العلل (٣/ ٢٨٦/ ٥٢٧١)].
• قلت: فالحمل في هذه الأوهام الثلاثة ليس على ابن جريج نفسه، ولكن على الواسطة التي بينه وبين ابن عقيل، وذهب الإمام أحمد إلى أن الواسطة هو النعمان بن راشد: وهو سيئ الحفظ، ليس بالقوي.
والقول فيه: قول الجماعة: زهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو، وشريك.
• وممن خالفهم أيضًا: فجعل آخر الحديث "وهذا أعجب الأمرين إليَّ" المرفوع، جعله من كلام حمنة وأوقفه عليها: عمرو بن ثابت؛ وهو ضعيف؛ تركه بعضهم لغلوه في الرفض.
والقول فيه: قول الجماعة أيضًا.
وانظر: علل الدارقطني (١٥/ ٣٦٣/ ٤٠٦٧).
• وأما كلام الأئمة في هذا الحديث:
فقال أبو داود هنا: "سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل: في نفسي منه شيء".
وقال في مسائله لأحمد (١٦٠): "سمعت أحمد قال: يروى في الحيض حديث ثالث: حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، في نفسي منه شيء".
ونقل ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٣٢) قول أبي داود من سننه، قال أبو داود: "سمعت أحمد بن حنبل يقول: في الحيض حديثان، والآخر في نفسي منه شيء [ونقله ابن التركماني في الجوهر النقي (١/ ٣٣٩) بلفظ: "في هذا الباب حديثان، وثالث في النفس منه شيء"]، قال أبو داود: يعني: أن في الحيض ثلاثة أحاديث هي أصول هذا الباب، أحدها: حديث مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار، والآخر: حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، والثالث؛ الَّذي في قلبه منه شيء: هو حديث حمنة بنت جحش، الَّذي يرويه ابن عقيل".

الصفحة 344