كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)

وقال عبد الرحمن بن مهدي: "إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد والرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الرجال".
رواه بسنده إلى ابن مهدي: الحاكم في المستدرك (١/ ٤٩٠)، والخطيب في الجامع (٢/ ٩١ / ١٢٦٧).
وقال نحوه أحمد بن حنبل:
رواه الخطيب في الكفاية (١٦٣).
وقال ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل (١/ ٦ و ١٠) في مراتب الرواة: "ومنهم: الصدوق الورع، المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام".
وقال البيهقي: "واللائق في أحاديث الأحكام أن يتحرى منها ما تقوم به الحجة" [فيض القدير (٤/ ٧٢)].
وقال الخطيب في الجامع (٢/ ٩١): "وينبغي للمحدث أن يتشدد في أحاديث الأحكام التي يفصل بها بين الحلال والحرام؛ فلا يرويها إلا عن أهل المعرفة والحفظ وذوي الإتقان والضبط، وأما الأحاديث التي تتعلق بفضائل الأعمال وما في معناها فيحتمل روايتها عن عامة الشيوخ".
وانظر في هذا المعنى: تاريخ الدوري (٣/ ٦٠ و ٢٤٧)، الجرح والتعديل (٧/ ١٩٣)، التمهيد (١/ ١٢٧)، تذكرة الحفاظ (١/ ١٧٣)، شرح علل الترمذي (١/ ٣٧٢).
وابن عقيل - كما تقدم - موصوف بسوء الحفظ، والجمهور على تضعيفه، وقد أعرض عن حديثه صاحبا الصحيح، فلم يخرجا له شيئًا من حديثه ولا حتَّى متابعة، والنسائي لشدة تحريه في الرجال؛ لم يخرج له شيئًا في سننه، فمثل هذا إذا انفرد بأصل وسنة لم يحتج به.
• فإن قيل: لم يخالف ابن عقيل في حديثه هذا:
ما رواه: نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، في المستحاضة المعتادة.
ولا ما رواه الزهري، وعراك بن مالك، عن عروة، عن عائشة، في قصة أم حبيبة، في المعتادة أيضًا.
ولا ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، في المستحاضة المميزة لدم الحيض من دم الاستحاضة.
وإنما حديث ابن عقيل هذا في المبتدأة التي لم تحض قبلُ، فابتدأها الدم، واستمر بها حتَّى صارت مستحاضة.
• فيجاب عن هذا بكلام الأئمة:
قال أبو داود: "قلت لأحمد: فحديث حمنة بنت جحش لا يكون للبكر حجة؟ قال: لا، وحمنة امرأة عجوز كبيرة، وهي تقول: إني أستحاض حيضة كثيرة، أثجه ثجًا" [مسائله (١٥٦)].

الصفحة 351