كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 3)

قلت: وهذا هو الصحيح الذي اعتمده إمام الأئمة والحفاظ والنقاد الإمام البخاري رحمه الله تعالى، فإن حميد بن أبي حميد الطويل معروف بالتدليس، ولم يصرح في شيء من طرق هذا الحديث بسماعه له من أنس، فدلت رواية عبد الأعلى السامي المتصلة على أن حميدًا دلسه عن أنس.
وقد رواه عن حميد بغير واسطة بينه وبين أنس، ولا ذكر للسماع منه: سفيان الثوري، وإسماعيل ابن علية، وهشيم بن بشير، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد، وابن أبي عدي، ويزيد بن هارون، وعلي بن عاصم:
فهؤلاء ثمانية من الثقات: رووه عن حميد عن أنس مدلسًا من قبل حميد، وثبته فيه ثابت البناني؛ كما قد دل على ذلك رواية عبد الأعلى السامي.
ونختار من هؤلاء رواية الحفاظ:
فقد رواه يحيى بن سعيد القطان، عن حميد، عن أنس، قال: أقيمت الصلاة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نجي لرجل حتى نعس -أو: كاد ينعس- بعض القوم [عند: أحمد].
وفي رواية الثوري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكلمه الرجل في الحاجة بعدما تقام الصلاة، فيكلمه حتى ينعس بعض أصحابه [عند: السراج].
وفي رواية هشيم: أقيمت صلاة العشاء ذات ليلة، فعرض رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه في حاجة هويًا من الليل، حتى نعس بعض القوم، فجاء فصلى بهم [عند: ابن حبان. والسراج. والطحاوي في المشكل].
اْخرج حديث حميد هذا: أبو داود في مسائل الإمام أحمد (٢٠١٤)، وابن حبان (٥/ ٣٨٠/ ٢٠٣٥)، وأحمد (٣/ ١١٤ و ٨٢ ١ و ١٩٩ و ٢٠٥ و ٢٣٢)، وأبو يعلى (٦/ ٤٧٥/ ٣٨٨٥)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (١٠٩٩ و ١١٠٠)، والطحاوي في المشكل (١/ ٣١٣/ ٢٩١ - ترتيبه)، والطبراني في الأوسط (٢/ ١١١/ ١٤١٧)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٢/ ٩٤/ ٤٤٤).
ورواه الإمام الشافعي في الأم (١/ ١٢)، وفي المسند (١١)، قال: أخبرنا الثقة، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء فينامون - أحسبه قال: قعودًا -، حتى نخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون.
ومن طريق الشافعي: أخرجه البيهقي في المعرفة (١/ ٢٠٧/ ١٥٧)، وفي الخلافيات (٢/ ١٤٦/ ٤١٥)، والبغوي في شرح السُّنَّة (١/ ١٦٣/٢٦٢).
قال البيهقي في الخلافيات (٢/ ٤١٦/١٤٦): "أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، قال: إذا قال الشافعي: أخبرنا الثقة: حدثنا حميد الطويل، فإنه يكني بالثقة عن إسماعيل ابن علية".
وقد رواه من طريق إسماعيل ابن علية: أبو داود في مسائل أحمد (٢٠١٤)، وأبو يعلى (٣٨٨٥).

الصفحة 6