كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

والمرسل لا تقوم به حجة، وحديث عائشة في قصة أم حبيبة أولى من هذا بلا شك.
قال ابن رجب في الفتح (١/ ٤٥١): "والظاهر: أنه مرسل، وقد يكون آخره موقوفًا على عكرمة من قوله، والله أعلم".
وكذلك فإن عكرمة لا يُعرف له سماع من أحد من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى عائشة [راجع الحديث المتقدم برقم (٢٧٢)، المراسيل (٢٩٧)].
***
٣٠٦ - قال أبو داود: حدثنا عبد الملك بن شعيب: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرنا الليث، عن ربيعة: أنه كان لا يرى على المستحاضة وضوءًا عند كل صلاة إلا أن يصيبها حدث غير الدم فتوضأ.
قال أبو داود: هذا قول مالك -يعني: ابن أنس-.
• مقطوع بإسناد صحيح.
قلت: وهذا إسناد صحيح إلى ربيعة، رجاله رجال مسلم.
قال الخطابي في المعالم (١/ ٨٠): "وقول ربيعة شاذ ليس عليه العمل".
قال ابن عبد البر في التمهيد (٦/ ٥٠): "وأما مالك فإنه لا يوجب على المستحاضة، ولا على صاحب السلس وضوءًا؛ لأنه لا يرفع به حدثًا. وقد قال عكرمة، وأيوب، وغيرهما: سواء دم الاستحاضة، أو دم جرح لا يوجب شيء من ذلك وضوءًا".
"وقد احتج بعض أصحابنا على سقوط الوضوء بقول رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش: "فإذا ذهب قدر الحيضة فاغتسلي وصلي"، ولم يذكر وضوءًا، ولو كان الوضوء واجبًا عليها لما سكت عن أن يأمرها به"، وانظر: الأوسط (١/ ١٦٤).
قال ابن رجب في الفتح (١/ ٤٥١) بعد أن ضعف كل ما روي في أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة، وقال بأنها كلها مضطربة ومعللة، قال: "وقد روي الأمر للمستحاضة بالوضوء لكل صلاة عن جماعة من الصحابة منهم: علي، ومعاذ، وابن عباس، وعائشة، وهو قول: سعيد بن المسيب، وعروة، وأبي جعفر، ومذهب أكثر العلماء: كالثوري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وغيرهم.
لكن منهم من يوجب عليها الوضوء لكل فريضة كالشافعي.
ومنهم من يرى أنها تتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي بها ما شاءت من فرائض ونوافل حتى يخرج الوقت، وهو قول أبي حنيفة، والمشهور عن أحمد، وهو أيضًا قول الأوزاعي، والليث، وإسحاق.
وقد سبق ذكر قول من لم يوجب الوضوء بالكلية لأجل دم الاستحاضة كمالك وغيره [مالك، وربيعة، وعكرمة، وأيوب].

الصفحة 13