كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

وهكذا الاختلاف في كل مَن به حدث دائم لا ينقطع، كمن به: رعاف دائم، أو سلس البول، أو الريح، ونحو ذلك.
وعن مالك رواية بوجوب الوضوء، كقول الجمهور".
• قلت: الصواب قول الجمهور؛ ودليله: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الآية [المائدة: ٦]؛ في إيجاب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة وهو على غير طهارة، والمستحاضة ومن به سلس دائم من بول وريح ونحوه ليسوا على وضوء، فهم مأمورون بالوضوء لكل صلاة.
وانظر: التمهيد (٦/ ٥٠).
وقول عائشة في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ عند كل صلاة"، وهو صحيح عنها، وتقدم تحت الحديث المتقدم برقم (٣٠٠).
وعائشة - رضي الله عنها - هي أفقه وأفهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال في شأن المستحاضة؛ من غيرها.
ويفسر هذا قول عروة -وقد تفقه على عائشة-: "ثم توضئي لكل صلاة، حتى يجئ ذلك الوقت" [البخاري (٢٢٨)].
وهذا يؤيد قول من قال: تتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي به ما شاءت من فرائض ونوافل، حتى يخرج الوقت، والله أعلم.
ويحسن في خاتمة أبواب الاستحاضة، ذكر خلاصة ما جاء فيها، وما صح فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث، مع شيء من فقهها، وبعض أقوال أهل العلم فيها مع الاختصار والإجمال:
• خلاصة أبواب الاستحاضة:
أولًا: ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
١ - حديث أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر، قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك، فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصلي".
وهو حديث صحيح [رقم (٢٧٤)].
٢ - حديث عراك بن مالك: عن عروة، عن عائشة، أنها قالت: إن أم حبيبة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدم؟ فقالت عائشة: رأيت مِركنها ملآن دمًا، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي".
فكانت تغتسل عند كل صلاة.
وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم [رقم (٢٧٩)].
٣ - حديث الزهري: عن عروة، وعمرة، عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش -ختنة

الصفحة 14