كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن فاطمة ابنة أبي حبيش سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -".
وقال في موضع آخر (١٢٥٠): "أول ما يبدأ الدم بالمرأة تقعد ستة أيام أو سبعة أيام، وهو أكثر ما تجلس النساء، على حديث حمنة".
وقال شيخ الإسلام (٢١/ ٦٣٠): "وفي المستحاضة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنن: سُنَّة في العادة لما تقدم، وسُنَّة في المميزة، وهو قوله: "دم الحيض أسود يعرف"، وسُنَّة في غالب الحيض، وهو قوله: "تحيض ستًّا أو سبعًا، ثم اغتسلي وصلي ثلاثًا وعشرين، أو أربعًا وعشرين، كما تحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن".
والعلماء لهم في الاستحاضة نزاع، فإن أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة، فلا بد من فاصل يفصل هذا من هذا.
والعلامات التي قيل بها ستة:
إما العادة: فإن العادة أقوى العلامات؛ لأن الأصل مقام الحيض دون غيره.
وإما التمييز: لأن الدم الأسود الثخين المنتن أولى أن يكون حيضًا من الأحمر.
وإما اعتبار غالب عادة النساء؛ لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب.
فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السُّنَّة والاعتبار. . . [إلى أن قال:] وهل هذا حكم الناسية، أو حكم المبتدأة والناسية جميعًا فيه نزاع؟ وأصوب الأقوال: اعتبار العلامات التي جاءت بها السُّنَّة، وإلغاء ما سوى ذلك.
وأما المتحيرة: فتجلس غالب الحيض، كما جاءت به السُّنَّة، ومن لم يجعل لها دمًا محكومًا بأنه حيض، بل أمرها بالاحتياط مطلقًا؛ فقد كلفها أمرًا عظيمًا لا تأتي الشريعة بمثله، وفيه تبغيض عبادة الله إلى أهل دين الله، وقد رفع الله الحرج عن المسلمين، وهو من أضعف الأقوال جدًّا".
وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٥٣٢) بعد أن ذكر أقوالهم في المتحيرة، وهي التي نسيت وقتها وعددها ولا تمييز لها، وأنها تغتسل لكل صلاة، وتصلي أبدًا، قال: "وفي هذا حرج عظيم، وعسر شديد، والكتاب ناطق بانتفائه عن هذه الأمة، فكيف تكلف به امرأة ضعيفة مبتلاة، مع أن دين الله يسر، ليس بعسر".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (١/ ٤٠٨): "والحاصل: أنه لم يأت في شيء من الأحاديث الصحيحة ما يقضي بوجوب الاغتسال عليها لكل صلاة، أو لكل يوم، أو للصلاتين، بل لإدبار الحيضة، كما في حديث فاطمة المذكور، فلا يجب على المرأة غيره، والأحاديث الصحيحة منها ما يقضي بأن الواجب عليها الرجوع إلى العمل بصفة الدم، كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش، ومنها ما يقضي باعتبار العادة، [ثم قال بعد أن ضعف حديث حمنة في الرجوع إلى غالب عادة النساء:] وقد أطال المصنفون في الفقه: الكلام في المستحاضة، واضطربت أقوالهم اضطرابًا يبعد فهمه على أذكياء الطلبة، فما ظنك بالنساء الموصوفات بالعي في البيان، والنقص في الأديان، وبالغوا في

الصفحة 17