كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

ثم إن المستحاضة في ذلك كله: لا يلزمها إلا غسل واحد، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة.
قال الترمذي (١٢٥): "حديث عائشة: حديث حسن صحيح [يعني: في قصة فاطمة بنت أبي حبيش]، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتابعين، وبه يقول: سفيان الثوري، ومالك، وابن المبارك، والشافعي: أن المستحاضة إذا جاوزت أيام أقرائها: اغتسلت، وتوضأت لكل صلاة".
وقال بعد حديث حمنة (١٢٨): "وقال أحمد وإسحاق في المستحاضة: إذا كانت تعرف حيضها بإقبال الدم وإدباره، وإقباله: أن يكون أسود، وإدباره: أن يتغير إلى الصفرة، فالحكم لها على حديث فاطمة بنت أبي حبيش.
وإن كانت المستحاضة لها أيام معروفة قبل أن تستحاض فإنها تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي.
وإذا استمر بها الدم، ولم يكن لها أيام معروفة ولم تعرف الحيض بإقبال الدم وإدباره، فالحكم لها على حديث حمنة بنت جحش.
وكذلك قال أبو عبيد"، ثم نقل كلام الشافعي. وانظر: اختلاف العلماء لابن نصر (٣٥).
وقال الشافعي في السنن (١/ ٢٤٣): "وبحديثي مالك نأخذ: حديث هشام، وحديث نافع.
والجواب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على افتراق حال المستحاضتين:
فإذا كانت للمرأة أيام تحيضهن من الشهر معروفات، ثم استحيضت: وكانت في أيام دمها كلها في حال واحدة، لا ينفصل دمها، فيكون مرة أحمر قانيًا أيامًا، ومرة أصفر رقيقًا، وكان مشتبهًا غير منفصل: نظرت عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر -في أول الشهر كن أو وسطه أو آخره- فتركت الصلاة فيهن، لا تزيد عليهن ساعة استظهارًا، ولا تنقص منهن ساعة تعجيلًا، ثم اغتسلت كما كانت تغتسل عند طهرها من الحيض، ثم صلت وصامت وأتاها زوجها إن شاء، وتوضأت لكل صلاة، وأختار لها بغير إيجاب عليها أن تغتسل من طهر إلى طهر، ولا تدع الوضوء لكل صلاة مكتوبة حضرت، ثم تصلي النوافل بذلك الوضوء، فإذا حضرت مكتوبة استأنفت لها وضوءًا، وأحب لها لو أنها أنقت فرجها، واحتشت واستثفرت، ثم توضأت، فإن توضأت والدم سايل -وهو كذلك في أيامها- مضت على وضوئها.
وإن كان دم المستحاضة ينفصل: فيكون في أيام من شهرها أحمر ثخينًا قانيًا كثيرًا [وفي الأم (٨/ ٥٦٨): أحمر إلى السواد محتدم]، وفي أيام أخرى رقيقًا قليلًا إلى الصفرة [في الأم: غير محتدم]: فالأيام التي يكون الدم فيها أحمر قانيًا: أيام حيضها، والأيام التي كان فيها رقيقًا أصفر قليلًا: أيام استحاضتها، فتغتسل عند إدبار الدم الكثير، وتوضأ

الصفحة 19