كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

المذكور: مسة المذكورة، وهي تكنى أم بسة، ولا تعرف حالها ولا عينها، ولا تعرف في غير هذا الحديث، قاله الترمذي في علله، فخبرها هذا ضعيف الإسناد ومنكر المتن؛ فإن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة، وزوجيتها كانت قبل الهجرة"، إلى آخر كلامه الذي نقلته آنفًا.
وأقره ابن سيد الناس فاحتج ببعض كلامه [النفح الشذي (٣/ ٢٥٧)، نيل الأوطار (١/ ٤٢٨)].
وقال ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٠٤): "ذكروا روايات عن أم سلمة من طريق مسة الأزدية، وهي مجهولة".
وأعله ابن حبان في المجروحين (٢/ ٢٢٤) بأبي سهل كثير بن زياد، فقال: "يروي عن الحسن، وأهل العراق: الأشياء المقلوبة، أستحب مجانبة ما انفرد من الروايات".
فانفرد ابن حبان بهذا القول؛ وأبو سهل كثير بن زياد: وثقه ابن معين، والبخاري، وأبو حاتم، والنسائي، قالوا جميعًا: "ثقة"، زاد أبو حاتم: "من أكابر أصحاب الحسن، لا بأس به، بصري وقع إلى خراسان" [التهذيب (٣/ ٤٥٨)، الجرح والتعديل (٧/ ١٥١)]، ومع هذا فقد ذكره ابن حبان أيضًا في الثقات (٧/ ٣٥٣)، وقال: "وكان ممن يخطئ".
قال ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٠٢): "وأغرب ابن حبان فضعفه بكثير بن زياد؛ فلم يصب".
وقد حاول بعضهم عبثًا الدفاع عن جهالة مُسَّة الأزدية فنقل صاحب عون المعبود (١/ ٥٠١) عن البدر المنير لابن الملقن الإجابة عن قول من ضعف مسة بجهالة حالها وعينها، فقال: "لا نسلم جهالة عينها، وجهالة حالها مرتفعة؛ فإنه روى عنها جماعة: كثير بن زياد، والحكم بن عتيبة، وزيد بن علي بن الحسين، ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحسن عن مسة أيضًا، فهؤلاء رووا عنها، وقد أثنى على حديثها البخاري، وصحح الحاكم إسناده، فأقل أحواله أن يكون حسنًا" [وانظر: البدر المنير (٣/ ١٤١)].
وقال النووي في المجموع (٢/ ٤٧٩): "حديث حسن".
وقال ابن القيم في التهذيب (١/ ٣٤٤): "وقد روى عنها أبو سهل كثير بن زياد، والحكم بن عتيبة، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وزيد بن علي بن الحسين".
يشير بذلك إلى ارتفاع جهالة عينها برواية هؤلاء عنها.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ١٣٧): "هذا الحديث جيد".
وقد حسنه الألباني في صحيح أبي داود (٢/ ١١٧)، والإرواء (٢٠١).
قلت: والحق أن مسة الأزدية هذه: مجهولة العين والحال، لم يرو عنها -فيما صح- سوى كثير بن زياد، وكل ما قيل قبلُ غثاء كغثاء السيل [أعني: ما قيل في أن كثير بن زياد لم ينفرد بالرواية عنها].

الصفحة 30