كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

فهؤلاء الثلاثة الذين قالوا بأنهم يروون عن مسة: الحكم بن عتيبة، وعلي بن زيد بن الحسين، وأبو الحسن، مدار حديثهم على محمد بن عبيد الله العرزمي: وهو متروك؛ لا يعتبر بحديثه، فذهب كلامهم هباءً منثورًا.
قال البيهقي في الخلافيات (٣/ ٤٠٧): "ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي، عن الحكم، عن مسة، وعن زيد بن علي بن الحسين، عن مسة، وعن أبي الحسن -غير منسوب، وهو علي بن عبد الأعلى-، عن مسة.
والعرزمي: متروك الحديث، لا يحتج بحديثه، وسيجيء في بابه إن شاء الله ما يكشف عن حاله".
وبقي أبو سهل كثير بن زياد هو المتفرد عن مسة الأزدية بالرواية عنها، وبهذا الحديث الواحد الذي ليس لها غيره؛ فكيف يصحح لها!؟.
ولو كان لهذا الحديث -حديث مسة- شاهد صالح للاعتبار لقلنا: يتقوى به ويعضده، لكن هيهات، فكل ما في الباب كما قال الإشبيلي: "أحاديث معتلة بأسانيد متروكة"، لكن نسوقها حتى لا يبقى حجة لأحد في تصحيح هذا الحديث أو تحسينه:
١ - حديث أنس، وله أسانيد:
أ- المحاربي، عن سلام بن سلم، عن حميد، عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقَّت للنفساء أربعين يومًا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك.
أخرجه ابن ماجه (٦٤٩)، والدارقطني (١/ ٢٢٠)، وأبو سعيد الأشج في جزئه (١٤٦)، وأبو يعلى (٦/ ٤٢٢/ ٣٧٩١)، وابن حبان في المجروحين (١/ ٣٣٩) معلقًا، وابن عدي في الكامل (٣/ ٣٠١)، وابن حزم (٢/ ٢٠٦)، والبيهقي في الخلافيات (٣/ ٤٢٨ - ٤٢٩/ ١٠٦٦ - ١٠٦٨)، وابن الجوزي في التحقيق (١/ ٢٦٩/ ٣٠٩)، وفي العلل المتناهية (١/ ٣٨٥/ ٦٤٦)، والمزي في التهذيب (١٢/ ٢٨١).
قال الدارقطني: "لم يروه عن حميد غير سلام هذا، وهو سلام الطويل، وهو: ضعيف الحديث".
وقال ابن حبان: "سلام بن سلم الطويل. . . يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها، وهو الذي روى عن حميد عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت للنفساء أربعين يومًا".
وقال ابن عدي: "وهذه الأحاديث التي ذكرتها لسلام الطويل عن من روى عنهم: ما يتابع على شيء منها".
وضعف ابن حزم الحديث به، فقال: "سلام بن سليمان: ضعيف، منكر الحديث".
قلت: فهو حديث ضعيف جدًّا، إسناده واهي، سلام بن سلم الطويل المدائني: متروك بالاتفاق.
وقد حصل وهم لأبي الحسن القطان راوي سنن ابن ماجه أو الراوي عنه، فقال في

الصفحة 32