كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

قلت: أما حديث عائشة فقد اتفق عليه الشيخان [البخاري (٢٩٤ و ٣٠٥ و ٥٥٤٨ و ٥٥٥٩)، مسلم (١٢١١)]، من حديث: عبد الرحمن بن القاسم، قال: سمعت القاسم، يقول: سمعت عائشة، تقول: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما لك، أنفست؟ "، قلت: نعم، قال: "إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت".
فسمى الحيض نفاسًا، وترجم له البخاري: "باب الأمر بالنفساء إذا نفسن".
وأما حديث أم سلمة فقد اتفق عليه الشيخان [البخاري (٢٩٨ و ٣٢٢ و ٣٢٣ و ١٩٢٩)، مسلم (٢٩٦)]، من حديث: يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة: أن زينب بنت أم سلمة حدثته: أن أم سلمة حدثتها، قالت: بينا أنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعة في خميصة؛ إذ حضت فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، فقال: "أنفست؟ "، قلت: نعم، فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة.
فسمى الحيض نفاسًا، وترجم له البخاري: "باب من سمى النفاس حيضًا".
وقال ابن المنذر (٢/ ٢٣٧): "ليس يختلف النفاس والحيض في شيء إلا في عدد الأيام".
وترجم ابن حبان لحديث أم سلمة (٣٩٠١) (٩/ ٢١٢): "ذكر الخبر الدال على أن حكم النفساء حكم الحائض في هذا الفعل، إذ اسم النفاس يقع على الحيض والعلة فيهما واحدة".
وقال ابن رجب في الفتح (١/ ٤٠٦): "ظاهر حديث أم سلمة، وعائشة يدل على أن الحيض يسمى نفاسًا، وقد بوب البخاري على عكس ذلك، وأن النفاس يسمى حيضًا، وكأن مراده: إذا سمي الحيض نفاسًا، فقد ثبت لأحدهما اسم الآخر، فيسمى كل واحد منهما باسم الآخر، ويثبت لأحدهما أحكام الآخر.
ولا شك أن النفاس يمنع ما يمنع منه الحيض، ويوجب ما يوجب الحيض إلا في الاعتداد به، فإنها لا تعتد به المطلقة قرءًا، ولا تُستبرأ به الأمة.
وقد حكى ابن جرير وغيره الإجماع على أن حكم النفساء حكم الحائض في الجملة".
• وأما فقه المسألة:
قال الترمذي: "وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم على: أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا؛ إلا أن ترى الطهر قبل ذلك؛ فإنها تغتسل وتصلي.
فإذا رأت الدم بعد الأربعين فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه يقول: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

الصفحة 40