كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

ورواية أبي عوانة وحبيب بن الحسن: أولى بالصواب، فهما أكثر عددًا، وروايتهما موافقة لرواية الجماعة عن شعبة.
وعلى هذا فلا يثبت من رواية شعبة أنه نسب أسماء هذه بأنها أسماء بنت يزيد، وإنما المحفوظ من رواية شعبة أنه لم ينسبها، كذا رواه عنه جماعة الحفاظ من أصحابه، وشذ ابن ماسي فنسبها من رواية يحيى بن سعيد القطان عن شعبة، والمحفوظ كالجماعة كما ذكرنا.
وعلى هذا فإن أسماء هذه هي: بنت شكل، كما وقع في رواية أبي الأحوص، وهو: ثقة ثبت متقن؛ تقبل زيادته، وهو الذي اعتمده مسلم في صحيحه، وذهب إليه ابن بشكوال في غوامضه، فقال: "المرأة المذكورة هي أسماء بنت شكل"، اعتمادًا منه على رواية أبي الأحوص، والتي أخرجها من طريق مسلم سالكًا مسلكه، وتبعه على ذلك جماعة.
وأما الخطيب فإنه اعتمد في مبهماته على هذه الرواية الشاذة عن شعبة، فقال: "هذه الأنصارية هي: أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن عبد الأشهل، وكان يقال لها: خطيبة النساء".
قلت: وفي هذا بيان فضل علم المتقدمين على المتأخرين.
قال ابن حجر في هدي الساري (٢٧١): "في مسلم أنها أسماء بنت شكل. . .، وادعى الدمياطي أنه تصحيف، وأن الصواب: السكن. . .، وأنها نسبت إلى جدها، وهي: أسماء بنت يزيد بن السكن، وبه جزم ابن الجوزي في التلقيح، وقبله الخطيب، وهو رد للأخبار الصحيحة بمجرد التوهم، وإلا فما المانع أن يكونا امرأتين وقد وقع في مصنف ابن أبي شيبة كما في مسلم فانتفى عنه الوهم، وبذلك جزم ابن طاهر وأبو موسى المدني وأبو علي الجياني، والله أعلم".
وانظر: فتح الباري (١/ ٤١٥)، شرح النووي لصحيح مسلم (٤/ ١٦)، الإصابة (١٠٨٠٣)، التغليق (٢/ ٩٥)، التلخيص (١/ ١٤٣)، فتح المغيث (٣/ ٣٠٣)، إيضاح الإشكال (١٧٩)، نيل الأوطار (١/ ٣٨١).
• هكذا روى هذا الحديث: أبو الأحوص، وأبو عوانة، وشعبة: عن إبراهيم بن المهاجر، وتابعهم:
١ - سفيان الثوري، عن إبراهيم بن المهاجر، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، أنها قالت: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين وأن يسألن عنه، ولما نزلت سورة النور شققن حواجز -أو: حجز- مناطقهن فاتخذنها خمرًا.
وجاءت فلانة فقالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحي من الحق، كيف أغتسل من الحيض؟ قال: "لتأخذ إحداكن سدرتها وماءها، ثم لتطهر فلتحسن الطهور، ثم لتفض على رأسها، ولتلصق بشؤون رأسها، ثم لتفض على جسدها، ثم لتأخذ فرصة ممسكة -أو: قرصة، شك أبو بكر- فلتطهر بها" -يعني بالفرصة: المسك، وقال بعضهم: من الذريرة-.

الصفحة 46