كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

المسند (١٩ - ٢٠)، والحميدي (١٦٧)، وأبو يعلى (٨/ ١٧٨ - ١٧٩/ ٤٧٣٣)، وابن حزم (١/ ١٠٣ و ١٠٤)، والبيهقي (١/ ١٨٣)، والخطيب في الموضح (٢/ ٤٦٧)، والبغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣٤٦/ ٢٥٢)، وابن بشكوال في الغوامض (٢/ ٤٥٨/٤٨٤).
فإن قيل: منصور: ثقة؛ متفق على تخريج حديثه في الصحيح، لا تُعلم فيه جُرحة، وليس في روايته تلك الزيادات التي زادها إبراهيم بن مهاجر، وهو متكلم في حفظه، فينبغي أن يحكم على هذه الزيادات بالشذوذ أو النكارة.
فيقال: هناك قرائن تدل على صحة هذه الزيادات والتي جعلت الإمام مسلم يصحح حديثه هذا، ويدخله في صحاحه:
١ - أن الإمام مسلم ينتقى من حديث الرجل ما تدل القرائن على أنه حفظه ولم يهم فيه.
٢ - أن سفيان الثوري روى عن إبراهيم البجلي هذا الحديث، وهو الذي قال فيه: "لا بأس به"، مما يدل على احتمال رواياته التي رواها عنه.
٣ - أن هذا الحديث رواه عن إبراهيم جماعة من الأئمة والحفاظ، مثل: الثوري، وشعبة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وإسرائيل؛ مما يدل على عدم نكارة حديثه هذا.
٤ - أن كيفية الغسل من المحيض قد وردت من حديث منصور مجملة، ففي رواية لابن عيينة عن منصور -وهي في صحيح مسلم-، فذكرت أن علمها كيف تغتسل، ثم تأخذ فرصة، ولا مانع حينئذ أن يكون إبراهيم قد حفظ هذه الكيفية.
٥ - أن آية الحجاب من سورة النور قد تابعه عليها الحسن بن مسلم بن يناق، وهي في صحيح البخاري.
٦ - أن ما انفرد به إبراهيم مثل غسل المرأة من الجنابة ثابت من أحاديث آخر في حق الرجل، والنساء شقائق الرجال، فليس فيه ما ينكر من جهة المعنى؛ بل إن عائشة - رضي الله عنها - كانت تغتسل من الجنابة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم تذكر فرقًا بينهما في الغسل، وكانت تقول: لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاثة إفراغات [من حديث عبيد بن عمير عنها عند مسلم (٣٣١)]، وسألت أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من الجنابة، ونقض ضفائرها فيه؟ فقال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين" [مسلم (٣٣٠)]، وهذا لا يمنع من ثبوت الدلك، والله أعلم.
قال الإمام الشافعي في الأم (٢/ ٩٥): "والحائض في الغسل كالجنب لا يختلفان، إلا أني أحب للحائض إذا اغتسلت من الحيض أن تأخذ شيئًا من مسك، فتتبع به آثار الدم، فإن لم يكن مسك، فطيب ما كان؛ اتباعًا للسُّنَّة، والتماسًا للطيب، فإن لم تفعل فالماء كافٍ مما سواه"، ثم احتج بحديث منصور.
وقال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣٤٧): "والفرصة: القطعة من الصوف أو القطن

الصفحة 49