كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 4)

من العمر قرابة خمس سنين [التاريخ الكبير (٥/ ١٥٧)، معرفة الثقات (٩٣٠)، طبقات ابن سعد (٥/ ٥٨)، الاستيعاب (١٤٦٤)، الإصابة (٤٨٣١)، التهذيب (٢/ ٣٨١)، وغيرها].
وعبد الله بن عتبة معاصر لعمار بن ياسر، وكانا بالكوفة؛ إلا أنه لا يعرف لعبد الله سماع من عمار، ولا رواية إلا في هذا الحديث الواحد.
قال البزار: "ولا نعلم روى عبد الله بن عتبة عن عمار إلا هذا الحديث".
• وهذا الحديث قد صححه ابن حبان، وابن الجارود، وحسنه الحازمي، واحتج به النسائي، وكلام الشافعي وإسحاق بن راهويه يشعر بتصحيحهما لهذا الحديث.
قال الشافعي في اختلاف الحديث ص (٧٤): "فلو كان لا يجوز أن يكون تيمم عمار إلى المناكب إلا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع التنزيل كان منسوخًا؛ لأن عمارًا أخبر أن هذا أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم، فكل تيمم كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعده مخالفه فهو ناسخ له".
ثم ذكر احتمالًا آخر ص (٧٥)، فقال: "أو يكون إنما سمع آية التيمم عند حضور الصلاة، فتيمموا واحتاطوا، فأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد؛ لأن ذلك لا يضرهم، كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء، فلما صاروا إلى مسألة النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرهم أنه يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا، وهذا أولى المعاني عندي برواية ابن شهاب من حديث عمار، بما وصفت من الدلائل".
وقال الترمذي بعد حديث قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه، عن عمار بن ياسر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه وللكفين، برقم (١٤٤)، ويأتي عند أبي داود برقم (٣٢٧)، قال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن عمار في التيمم أنه قال: "للوجه والكفين" من غير وجه، وقد روي عن عمار أنه قال: تيممنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب والآباط. فضعف بعض أهل العلم حديث عمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التيمم للوجه والكفين، لما روى عنه حديث المناكب والآباط.
قال إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي: حديث عمار في التيمم للوجه والكفين: هو حديث حسن صحيح، وحديث عمار: تيممنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب والآباط: ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأن عمارًا لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بذلك، وإنما قال: فعلنا كذا وكذا، فلما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالوجه والكفين، فانتهى إلى ما علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوجه والكفين، والدليل على ذلك: ما أفتى به عمار بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في التيمم أنه قال: الوجه والكفين، ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلمه إلى الوجه والكفين".
وحكى ابن رجب في الفتح (٢/ ٥٧ و ٥٨) قول الشافعي، ثم قال: "وكذا ذكر أبو بكر الأثرم وغيره من العلماء"، وقال بعد حكاية قول ابن راهويه: "وهذا الجواب ذكره إسحاق بن راهويه وغيره من الأئمة".
وأما قول ابن رجب: "وهذا حديث منكر جدًّا، لم يزل العلماء ينكرونه"، فليس بجيد

الصفحة 62