كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

والدارقطني في العلل (٩/ ٣٩٤)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (٦/ ١١٩١/ ٢٢٥٤)، والبيهقي في البعث والنشور (١٩١).
هكذا رووه من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن، ولم يقل فيه: "عن سعيد بن المسيب"؛ إلا سفيان بن عيينة، وتابعه:
جعفر بن برقان، فرواه عن الزهريّ، عن سعيد، عن أبي هريرة، بحديث: "اشتكت النار"، دون حديث الإبراد.
ذكره الدارقطني في العلل (٩/ ٣٩٢).
وجعفر بن برقان: وإن كان ثقة؛ إلا أنه ضعيف في الزهري خاصة [التهذيب (١/ ٣٠١)].
فحديث: "اشتكت النار إلى ربها": ليس من حديث ابن المسيب، وإنما هو من حديث أبي سلمة وحده، وأما حديث الإبراد فهو من حديثهما معًا؛ لذا قال الدارقطني بعد أن ساق الاختلاف فيه عن الزهريّ: "والقولان محفوظان عن الزهريّ" [العلل (٩/ ٣٩٢)] , وقوله هذا يحتمل أن يقصد به حديث الإبراد وحده؛ فهو الذي ساق لأجله هذا الاختلاف، ويحتمل أن يقصد به كلا الحديثين معًا، فقد بدأ بحديث الإبراد، وانتهى بحديث: "اشتكت النار" فالله أعلم.
لكن الإمام أحمد جزم بتخطئة ابن عيينة في هذا الحديث: "اشتكت النار"؛ فقد روى الخلال في العلل (١٨٦ - المنتخب منه لابن قدامة)، قال: "أخبرنا زكريا بن يحيى: ثنا أبو طالب؛ أن أبا عبد الله [يعني: أحمد بن حنبل] قال: سفيان بن عيينة في قلة ما روى نحو من خمسة عشر حديثًا، أخطأ فيها في أحاديث الزهريّ، فذكر منها: حديث "اشتكت النار إلى ربها": إنما هو عن أبي سلمة".
وقد ذهب أبو معاذ طارق بن عوض الله -وفقه الله تعالى- في كتابه الماتع "الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات" ص (٢٦٣ - ٢٦٤) إلى أن الدارقطني قصد بتصحيح القولين، عن الزهريّ: حديث الابراد خاصة معللًا ذلك بقوله: "لأنه قال هذا في معرض الكلام عليه، والسؤال عنه، دون حديث: "اشتكت النار".
قلت: وهذا لا يسقط الاحتمال الآخر فالدارقطني قال هذا القول عقب سياق الاختلاف على الزهريّ في حديث: "اشتكت النار"؛ إلا أن القول الأول قول قوي.
وقد ذهب أبو معاذ مذهبًا حميدًا في بيان صنيع الإِمام البخاري في هذا الحديث، فقال: "وصنيع الإمام البخاري في الصحيح يدل على ذلك أيضًا:
فإنه خرج حديث: "اشتكت النار" مع حديث الإبراد من رواية ابن عيينة، من حديث سعيد، في كتاب المواقيت، في "باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر"، وذِكر حديث "اشتكت النار" في هذا الباب ليس مقصودًا، وإنما خرجه البخاري عرضًا؛ لأن ابن عيينة هكذا جمع في روايته بين المتنين، والمقصود في هذا الباب إنما هو حديث الإبراد خاصة.
بينما في كتاب بدء الخلق في "باب: صفة النار" خرج حديث: "اشتكت النار"، من

الصفحة 10