كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

• وأما فقه هذين الحديثين:
أما الحديث الأول لأبي هريرة وشاهده من حديث عائشة:
١ - دل هذا الحديث بمجموع طرقه ورواياته على أن من صلى ركعة تامة من صلاة الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك وقت الفجر، ويتم صلاته، وتجزئه أداءً في وقتها، ولا إعادة عليه.
وأن من صلى ركعة تامة من صلاة العصر قبل غروب الشمس فقد أدرك وقت العصر، ويتم صلاته، وتجزئه أداءً في وقتها، ولا إعادة عليه.
٢ - المراد بإدراك الصلاة: إدراك وقتها، وليتم ما بقي من صلاته في وقت النهي، من الشروق أو الغروب، كما دل على ذلك روايات الحديث، لا أنه يجتزئ بهذه الركعة عن تمام صلاته، وهذا إجماع.
٣ - أن هذا الحديث خاص بأهل الأعذار، فلا يجوز تأخير الصبح أو العصر حتى لا يبقى من وقتها إلا مقدار ركعة قبل الشروق أو الغروب ثم يقدم فيصليها، للأحاديث الدالة على ذلك، وسيأتي تفصيل ذلك في آخر هذا الباب.
٤ - أهل الأعذار في هذا على قسمين:
الأول: النائم والناسي؛ فهذان يصليان الصلاة الحاضرة التي لم يخرج وقتها بعدُ، ويقضيان من الصلوات ما فات وقته وخرج، لحديث: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"، وفي رواية: إلا كفارة لها إلا ذلك" [أصله في الصحيحين: البخاري (٥٩٧)، مسلم (٦٨٤)].
الثاني: من أسلم من الكفار، أو بلغ من الصبيان، أو أفاق من إغماء، أو طهرت من حيض، ومن كان في معناهم: فلا يلزمه غير تلك الصلاة التي أدرك شيئًا من وقتها، وأما ما خرج وقته من الصلوات فلا يلزمه قضاء شيء منها، والله أعلم.
• وأما الحديث الثاني: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة"، فمن فوائده:
١ - أجمع علماء المسلمين أن من أدرك ركعة من صلاة من صلاته، لا تجزئه ولا تغنيه عن إتمامها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" [البخاري (٦٣٦ و ٩٥٨)، مسلم (٦٠٢)]، وهذا نص يكفي ويشفي، فدل إجماعهم في ذلك على أن هذا الحديث ليس على ظاهره، وأن فيه مضمرًا بينه الاجماع والتوقيف وهو إتمام الصلاة وإكمالها، قاله في التمهيد (٧/ ٦٦).
٢ - هذا نص عام في جميع صور إدراك ركعة من الصلاة، سواء كان في إدراك ركعة من صلاة الجماعة، أو الجمعة، أو إدراك وقتها:
أ - فمن أدرك ركعة من صلاة الجماعة فله حكم صلاة الجماعة وفضلها، فلا يعيد تلك الصلاة في جماعة.
وإن أدرك أقل من ركعة فله بنيته أجر الجماعة ويكون بمنزلة من صلى منفردًا، وله أن يعيد تلك الصلاة في جماعة، وهو مذهب مالك.

الصفحة 121