كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

يصلي بصلاة المقيم، لما سأله السائل عن كون المسافر يدرك من صلاة المقيم ركعة أو ركعتين؛ وعليه فقول ابن عمر حجة لنا في كون المسافر يصلي صلاة المقيم إذا أدرك من صلاته ركعة فما فوق.
فقد روى سليمان التيمي عن أبي مجلز، قال: قلت لابن عمر: أدركت ركعة من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ قال: صل بصلاتهم. وفي رواية: ركعتين.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٥٤٢/ ٤٣٨١)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٣٥ و ٣٣٦/ ٣٨٥١ و ٣٨٥٨)، وابن المنذر (٤/ ٣٣٨/ ٢٢٤٤)، والبيهقي (٣/ ١٥٧).
وإسناده صحيح.
وأما ما ثبت عن ابن عمر من أنه كان إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا وإذا صلى وحده صلى ركعتين، فهذا كان بمنى لما أتم عثمان، فقد روى أبو أسامة: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدرًا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعدُ أربعًا، فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعًا، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين.
أخرجه مسلم (٦٩٤)، وأبو عوانة (٢/ ٦٨ و ٣٨٢/ ٢٣٤٢ و ٣٥١٣)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ٢٨٥/ ١٥٥٥)، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٥٦/ ١٣٩٧٨)، والطحاوي (١/ ٤١٧)، والبيهقي (٣/ ١٥٧).
فليس في فعل ابن عمر هذا ما يشهد لهم إلا بمثل ما يشهد لنا.
وأما أثر ابن عباس فلا صح، يرويه ليث بن أبي سليم [ضعيف لاختلاطه وعدم تميز حديثه]، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: إذا دخل المسافر في صلاة المقيمين صلى بصلاتهم.
أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٣٥/ ٣٨٤٩)، ومن طريقه: ابن المنذر (٤/ ٣٣٨/ ٢٢٤٥).
فإسناده ضعيف، وإن صح فهو عام، وليس فيه أنه إذا أدركهم في التشهد أتم.
وانظر: مسائل الكوسج (١٦٢).
ونكتفي بهذا القدر من المسائل، ونختم بكلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الباب إذ يقول [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٣٣١ - ٣٣٦)]: "اختلف الفقهاء فيما تدرك به الجمعة والجماعة على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهما لا يدركان إلا بركعة، وهو مذهب مالك، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، اختارها جماعة من أصحابه، وهو وجه في مذهب الشافعي، واختاره بعض أصحابه أيضًا كأبي المحاسن الروياني وغيره.
والقول الثاني: أنهما يدركان بتكبيرة، وهو مذهب أبي حنيفة.
والقول الثالث: أن الجمعة لا تدرك إلا بركعة، والجماعة تدرك بتكبيرة، وهذا القول هو المشهور في مذهب الشافعي وأحمد.

الصفحة 127