كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

وإسناده صحيح.
وفي معظم الروايات المتقدمة قال ابن سيرين: "من فيح جهنم -أو: من فيح أبواب جهنم -".
٢٢ - قال الطبراني في مسند الشاميين (٢/ ١٢٧٣/٢٤٤): حدثنا عبد الله بن أحمد: ثنا أحمد بن هشام الرملي: ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، يرفعه، قال: "إن جهنم اشتكت إلى ربها، فنفسها في كل سنة مرتين، فشدة الحر من فيح جهنم، فإذا كان الحر فأبردوا بالصلاة، وإن شدة البرد من زمهريرها".
وهذا غريب من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة.
وقد خالف في ذلك ابن شوذب أصحاب ابن سيرين: أيوب، وابن عون، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي، اقتصروا على حديث الإبراد.
وابن شوذب خراساني بلخي، سكن البصرة، ثم انتقل إلى الشام، وقول ابن عساكر: "سكن البصرة وسمع بها الحسن البصري وابن سيرين ... " فلا أراه يصح، فالبخاري وهو ممن يعتني بذكر السماع في تاريخه، لا سيما من الأكابر مثل الحسن وابن سيرين، لم يذكر له سماعًا منهما، وأما أبو حاتم فقد جزم بعدم سماعه من الحسن، بل بعدم رؤيته، قال أبو حاتم في المراسيل: "ويقول ابن شوذب: عن الحسن، ولم يره، ولم يسمع منه، ورأى طاوسًا"، فإن قيل: طاوس أقدم وفاة من الحسن؟ فيقال: طاوس مكي، والحسن وابن سيرين بصريان [ماتا معًا سنة عشر ومائة (١١٠)، وطاوس قبلهما بأربع سنوات (١٠٦)] , والذي يظهر لي أن حكمهما واحد في حق ابن شوذب، والله أعلم [انظر: التاريخ الكبير (٥/ ١١٧)، الجرح والتعديل (٥/ ٨٢)، الثقات (٧/ ١٠)، المراسيل (٤٢١)، مشاهير علماء الأمصار (١٤٣٥)، تاريخ دمشق (٢٩/ ١٦٤)، السير (٧/ ٩٢)].
وقد تفرد به عنه ضمرة بن ربيعة، وهو صدوق يهم، وقد تفرد عن ابن شوذب بمناكير [انظر مثلًا: علل ابن أبي حاتم (٢/ ٤١٥ و ٤٢٠/ ٢٧٥٢ و ٢٧٦٧)] , فلعل هذا منها.
والراوي عنه: أحمد بن هشام الرملي: قال عنه أبو حاتم: "صدوق يكتب حديثه، ولا يحتج به"، لكن قال ابن أبي داود: "كان عنده عن ضمرة اثنا عشر ألف حديث" [التهذيب (١/ ٥٠)].
فلا أدري على من الحمل في هذا الحديث؟
ولم أر لابن شوذب متابعًا على ما رواه؛ إلا ما رواه بحشل في تاريخ واسط (١١٧)، قال: ثنا محمَّد بن سفيان بن حماد، قال: ثنا الحسن بن بشر، قال: ثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشتكت النار ... " فذكر الحديث بدون الإبراد.
وهذا منكر عن قتادة، فإن الحكم هذا: ضعيف، قليل الرواية عن قتادة، ومع ذلك

الصفحة 18