كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

قال: كانوا يصلون صلاة العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل، وهو المحفوظ.
قال ابن رجب في الفتح (٣/ ١٨٧) في رواية النَّسائيّ المدرجة: "فجعله من قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا غير محفوظ، والظاهر أنَّه مدرج من قول الزُّهريّ. والله أعلم، ثم ذكر رواية الطّبرانيّ، ثم قال: "وهذا يبين أنَّه مدرج".
ثم زيادة رابعة: تفرد بها يونس عن الزُّهريّ، قال: قال ابن شهاب: وذكر لي أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "وما كان لكم أن تنزروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصلاة"، وذاك حين صاح عمر بن الخطاب.
وهذه الزيادات الظاهر أنَّها مدرجة، وليست من قول عائشة، والله أعلم.
قال ابن رجب في الفتح (٣/ ١٧٩)، في الزيادة الثَّانية: "ولعل هذا مدرج من قول الزُّهريّ أو عروة، وقد كان يصلِّي بالمدينة في غير مسجد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كمسجد قباء وغيره من مساجد قبائل الأنصار، وقد روي ما يدل على أن مراد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه لا يصليها أحد من أهل الأديان غير المسلمين"، ثم ذكر الأدلة على ذلك من حديث ابن عمر المتقدم برقم (١٩٩)، وحديث معاذ المتقدم برقم (٤٢١)، وغيرهما.
وقال في الثَّانية والثالثة (٣/ ١٨٦): "الظاهر أنَّه مدرج من قول الزُّهريّ".
وأمَّا مرسل الزُّهريّ؛ فقال رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد المجموعة" (٥٢): "هكذا هو في كتاب مسلم، وقد أخرجه البُخاريّ في صحيحه، والنَّسائيُّ في سننه، فلم يذكرا هذه الزيادة التي في آخره من قول الزُّهريّ، ولا أعلم الآن من أسندها من الرواة، والله - عز وجل - أعلم. وقوله: "تنزروا" ... معناه: تلحوا، من: نزره، إذا ألح عليه".
وهذا الحديث رواه هكذا عن الزُّهريّ: شعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد، وعقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، وإبراهيم بن أبي عبلة، وابن أبي ذئب، وابن أخي الزُّهريّ:
رووه عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة به.
ورواه عن معمر: عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي [ثقة]، ورباح بن زيد الصنعاني [ثقة، عالم بحديث معمر]، عنه به هكذا.
خالفهم فوهم:
عبد الرَّزاق بن همام الصنعاني [من أثبت النَّاس في معمر، لكنَّه أضر في آخر عمره، وكان يخطئ عن معمر في أحاديث لم تكن في كتابه. شرح العلل (٢/ ٧٥٦)، قال: أخبرنا معمر، عن الزُّهريّ، عن سالم، عن ابن عمر، قال: أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء ذات ليلة فناداه عمر، فقال: نام النساء والصبيان، فخرج إليهم فقال: "ما ينتظر هذه الصَّلاة أحد غيركم من أهل الأرض"، قال الزُّهريّ: ولم يكن يصلِّي يومئذٍ إلَّا مَن بالمدينة.
أخرجه عبد الرَّزاق في المصنف (١/ ٥٥٨/ ٢١١٦)، ومن طريقه: النَّسائيّ في الكبرى (١/ ٢٣٠/ ٣٨٧)، وابن خزيمة (١/ ١٧٧/ ٣٤٣)، والبزار (١٢/ ٢٦٣/ ٦٠٢٩)، والسراج في مسنده (٥٨١ و ١١٢٧).

الصفحة 184