كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

سيأتي من نصوص عنه، وبهذا يظهر أن مراد ابن معين من إطلاق الكذب على عمر المجالدي هذا، إنما يريد الطعن في سماعه لهذا الحديث من أبي معاوية فقط، وبهذا يتفق نقده مع نقد ابن عدي حين يقول في كامله (٥/ ٦٧ - ٦٨) في ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد بعد ذكر قول ابن معين فيه من رواية عبد الله بن أحمد عنه، يقول ابن عدي: "وهذا أيضًا [يعني: حديث "أنا مدينة العلم. . . "] يعرف بأبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح عن أبي معاوية ... , , وحدث به أحمد بن سلمة الكوفي -من ساكني جرجان، وكان متهمًا- عن أبي معاوية كذلك، وثناه الحسن بن علي العدوي -وهو: ضعيف-، عن الحسن بن علي بن راشد، عن أبي معاوية.
فقد شاركوا عمر بن إسماعيل بن مجالد.
والحديث لأبي الصلت عن أبي معاوية، وبه يعرف.
وعندي: أن هؤلاء كلهم سرقوه منه".
• وعلى هذا فخلاصة الطعن في عمر بن إسماعيل بن مجالد يتلخص في كونه لم يسمع هذا الحديث من أبي معاوية، وإنما سرقه من أبي الصلت الهروي فحدث به عن أبي معاوية.
وأما حكم ابن معين على حديث ابن عباس: "أنا مدينة العلم، وعلي بابها":
ففي ترجمة عمر بن إسماعيل بن مجالد، قال بأنه: حديث كذب، ليس له أصل، كما تقدم.
ولكنه في ترجمة أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي اختلف الأمر، فإن أبا الصلت الهروي مع كونه هو المتهم بهذا الحديث عن أبي معاوية [انظر: الكامل (١/ ١٨٩) و (٢/ ٣٤١) و (٣/ ٤١٢)، المجروحين (٢/ ١٥٢)، المنتخب من علل الخلال (١٢٠)] , ومع ذلك فقد كان ابن معين يحسن الظن به جدًّا.
١ - ففي سؤالات ابن الجنيد (٣٨٧)، قال: "سألت يحيى بن معين عن أبي الصلت الهروي؟ فقال: قد سمع، وما أعرفه بالكذب. قلت: فحديث الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس؟ قال: ما سمعت به قط، وما بلغني إلا عنه".
وفي موضع آخر (٤٩٧) قال ابن معين: "لم يكن أبو الصلت عندنا من أهل الكذب، وهذه الأحاديث التي يرويها ما نعرفها" [وانظر: المنتخب من علل الخلال (١٢١)، تاريخ بغداد (١١/ ٤٩)].
٢ - وفي رواية يحيى بن أحمد بن زياد، قال: "وسألته -يعني: يحيى بن معين- عن حديث أبي معاوية الذي رواه عبد السلام الهروي عنه، عن الأعمش، حديث ابن عباس، فأنكره جدًّا" [تاريخ بغداد (١١/ ٤٩)].
٣ - وفي رواية عبد الخالق بن منصور، قال: "وسألت يحيى بن معين، عن أبي الصلت؟ فقال: ما أعرفه. قلت له: إنه يروي حديث الأعمش، عن مجاهد، عن ابن

الصفحة 44