كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

في كتابه الذي سماه بالسنن الصحاح المأثورة، فقال: إنه عليه السلام كره الصلاة في سبع مواطن أحدها المقبرة، وهو متساهل في هذا الكتاب".
وقال الشوكاني في السيل الجرار (١/ ١٦٨): "وصحح الحديث ابن السكن وإمام الحرمين، فأما إمام الحرمين: فليس من أهل هذا الشأن، وأما ابن السكن: فكيف يصحح ما كان في إسناده متروك! ".
قلت: قد شان ابن السكن صحيحه بإدخال هذا الحديث فيه، فأظهر تساهله في التصحيح، ومخالفته للأئمة في تضعيفه، وهذا مما يرفع قدر سنن أبي داود؛ إذ لم يدخل هذا الحديث فيه، ولو على سبيل الإنكار.
قال ابن قدامة في المغني (١/ ٤٠٤): "وزاد أصحابنا: المجزرة، والمزبلة، ومحجة الطريق، وظهر الكعبة؛ لأنها في خبر عمر وابنه، وقالوا: لا يجوز فيها الصلاة، ولم يذكرها الخرقي؛ فيحتمل أنه جوَّز الصلاة فيها، وهو قول أكثر أهل العلم، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "جُعلت لي الأرض مسجدًا"، وهو: صحيح متفق عليه، واستثنى منه: المقبرة والحمام ومعاطن الإبل بأحاديث صحيحة خاصة، ففيما عدا ذلك يبقى على العموم، وحديث عمر وابنه: يرويهما العمري وزيد بن جبيرة، وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما، فلا يترك الحديث الصحيح بحديثهما، وهذا أصح، وأكثر أصحابنا فيما علمت عملوا بخبر عمر وابنه في المنع من الصلاة في المواضع السبعة".
قلت: لم يصح في استثناء الحمام حديث مرفوع.
وقال ابن المنذر (٢/ ١٩١): "فأما معاطن الإبل: فقد ثبت عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الصلاة فيها، وأما المواضع المذكورة في هذا الحديث مثل: المجزرة، والمزبلة، ومحجة الطريق، فهي داخلة في جملة قوله "جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، فإن كان في شيء من ذلك نجاسة؛ فسواء هي وغيرها من المواضع النجسة؛ لا تجوز الصلاة عليها" وانظر أيضًا: المحلى (٣/ ١٠٠) (٤/ ٨٢) (٥/ ٧٨).
٣ - حديث رهط من الصحابة:
أخرج ابن عدي في الكامل (٤/ ٣٣٤) بإسناد حسن إلى: عباد بن كثير الثقفي، عن عثمان الأعرج، عن الحسن، قال: حدثني سبعة رهطٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منهم: أبو هريرة الدوسي، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وعمران بن الحصين، ومعقل بن يسار، وأنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في مسجد تجاه حش، أو حمام، أو مقبرة.
قال ابن عدي بعد ما أخرج جملةً وافرةً من حديث عباد هذا: "ولعباد بن كثير غير ما ذكرت من الحديث، ومقدار ما أمليت منه: عامته مما لا يتابع عليه".
وقال عبد الحق الإشبيلي في أحكامه الوسطى (١/ ٢٨٨): "عباد بن كثير الثقفي: ضعيف عند الجميع".

الصفحة 496