كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

الأنصار، فحلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه في ثوبه، فأعطاه، فقسم منه على رجال، وقلم أظفاره، فأعطاه صاحبه، قال: فإنه عندنا مخضوب بالحناء والكتم. يعني: شعره.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٥/ ١٢)، وأبو عوانة (٢/ ٣١٢/ ٣٢٤٨)، وابن خزيمة (٤/ ٣٠٠ و ٣٠١/ ٢٩٣١ و ٢٩٣٢)، والحاكم (١/ ٤٧٥)، والضياء في المختارة (٩/ ٣٨٤ و ٣٨٥/ ٣٥٣ - ٣٥٥)، وأحمد (٤/ ٤٢)، وابن سعد في الطبقات (٣/ ٥٣٦)، وابن شبة في أخبار المدينة (١/ ٣٢٦/ ٩٩٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢/ ٢٧٥/ ٨٦٢)، وابن شاهين في الناسخ (١٧٢ - ١٧٤)، والبيهقي في السنن (١/ ٢٥)، وفي الشعب (٢/ ٢٠٢/ ١٥٣٥)، وفي الدلائل (٥/ ٤٤١)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤/ ٣٤٠).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: إسناده صحيح متصل إلى محمد بن عبد الله بن زيد، إلا أن صورته مرسل، إذ من المحتمل أنه كان صغيرًا إذ ذاك؛ فلم يشهد الواقعة، ولا يبعد اتصاله؛ فإن محمدًا قد سمع من أبيه، وعلى فرض إرساله، فإنه حجة في هذا الباب؛ فإن ولد الرجل أعلم بوقت وفاة أبيه من غيره، فلو كان أبوه استشهد في أحد لما خفي عليه ذلك، حتى يحكي عنه أنه أدرك حجة الوداع.
وعلى هذا فالراجح: أنه توفي سنة (٣٢)، في أواخر خلافة عثمان، وعليه: فلا وجه لإنكار سماع ابنه منه، وقد ثبت من طريق صحيح، واعتمد عليه جمع من الأئمة في إثبات السماع، وتصحيح حديث الأذان، وقد تقدم ذكرهم.
• وحاصل القول: فإن حديث عبد الله بن زيد في الأذان -من طريق ابن إسحاق-: حديث صحيح، صححه جمع من الأئمة.
• ولابن إسحاق فيه إسناد آخر:
يرويه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري، عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بالناقوس، يجمع للصلاة الناسَ، وهو له كارهٌ لموافقته النصارى، طاف بي من الليل طائفٌ وأنا نائمٌ، رجلٌ عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوسٌ يحمله، قال: فقلت له: يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟. . . فذكر الحديث بمثل حديث محمد بن إبراهيم التيمي بنفس ألفاظ الأذان -مع تربيع التكبير-، والإقامة، إلى أن قال: قال: فلما أصبحتُ أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته بما رأيتُ، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله"، ثم أمر بالتَّأذِين، فكان بلالٌ مولى أبي بكر يُؤَذِّنُ بذلك، ويدعو رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، قال: فجاءه فدعاه ذات غداةٍ إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائمٌ، قال: فصرخ بلالٌ بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم.
قال سعيد بن المسيَّب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر.
أخرجه أبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام" (١/ ٤٦٠/ ١٧٣)،

الصفحة 533