كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

وهذا الاختلاف إنما هو من زيد بن أسلم فإنه كان يرسله أحيانًا ويوصله أحيانًا، ورواية الإمام مالك -إمام دار الهجرة رأس المتقنين وكبير المتثبتين- صحيحة لا شك فيها، ولا تعل بمثل هذا.
• وللحديث أسانيد أخرى في بعضها ضعف، وفي متنها اختلاف، وحديث مالك أشهرها وأصحها سندًا ومتنًا، لا نعرج على ذكرها سوى أن نذكر مصادرها:
مصنف عبد الرزاق (١/ ٥٧٨/ ٢٢٠١ و ٢٢٠٢ و ٢٢٠٣)، فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام (٢٩٣)، سنن سعيد بن منصور (٣/ ٩١٣/ ٤٠١)، جامع البيان (٢/ ٥٧٠/ ٥٣٩٦ - ٥٣٩٨)، المصاحف (٢٢٩ و ٢٣٢ و ٢٣٣ و ٢٣٤ و ٢٣٦)، شرح المعاني (١/ ١٧٢)، مشكل الآثار (٨/ ٢٢٧/ ٥٨٩٥ - ترتيبه).
• وروي نحوه عن حفصة وأم سلمة:
أما حديث حفصة فله أسانيد:
١ - مالك، عن زيد بن أسلم، عن عمرو بن رافع: أنه قال: كنت أكتب مصحفًا لحفصة أم المؤمنين فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فلما بلغتها آذنتها، فأملت عليَّ: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر وقوموا لله قانتين".
أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٣٦٨/٢٠١).
ومن طريقه: النسائي في حديث مالك [كما في تهذيب الكمال (٢٢/ ٢٢)]. وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (٢٩٢)، وابن أبي داود في المصاحف (٢٤٣)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ١٧٢)، وفي المشكل (٨/ ٢٢٦/ ٥٨٩٤ - ترتيبه)، والبيهقي (١/ ٤٦٢)، والمزي في التهذيب (٢٢/ ٢٢).
قال ابن عبد البر (٤/ ٢٨٠): "هكذا رواه مالك موقوفًا، وحديث حفصة هذا قد اختلف في رفعه وفي متنه أيضًا، وممن رفعه عن زيد: هشام بن سعد".
ثم أسنده من طريق هشام بن سعد به، عن زيد بن أسلم نحوه، وفي آخره: هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ.
وهشام بن سعد المدني: صدوق إلا أنه لم يكن بالحافظ، يهم ويخطئ، لكن زيادته هنا عندي مقبولة لسببين:
الأول: أنه مدني، ثبت في زيد بن أسلم، قال أبو داود: "هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم" [التهذيب (٤/ ٢٧٠)].
والثاني: أنه لا مخالفة بين رواية مالك، وهشام بن سعد، فإن هذا مما لا مجال فيه للاجتهاد والرأي، وما كان لها أن تزيد في كلام الله تعالى ما ليس منه، حتى تكون قد سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وسبب ثالث: وهو أنه قد توبع على رفعه، ويأتي.

الصفحة 78