كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

أعلاها: أن يكونا متباينين، ليس أحدهما هو الآخر ولا جزأه، ولا يعرف لزومه له.
ويليه: أن يكون بينهما لزوم.
والثالث: عطف بعض الشيء عليه.
والرابع: عطف الشيء على الشيء لاختلاف الصفتين [انظر: مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام (٧/ ١٧١ - ١٧٧)].
فعطف الصلاة الوسطى على الصلوات هو من النوع الثالث، وعطف صلاة العصر على الصلاة الوسطى من الرابع؛ إذ هما واحد لكن وصفت بصفتين، وصفت بالوسطى لتوسطها بن صلاتي نهار -وهما الفجر والظهر-، وصلاتي ليل -وهما المغرب والعشاء-، ووصفت بالعصر لاعتصارها.
[وانظر: فتح الباري (٨/ ١٩٨)، الأوسط (٢/ ٣٦٨)].
• وقد ثبت في صحيح مسلم أن الآية نزلت أولًا {وَالْعَصْرِ} ثم نسخت وأبدلها الله تعالى بقوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.
فقد روى فضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال: نزلت هذه الآية "حافظوا على الصلوات وصلاة العصر" فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.
أخرجه مسلم (٦٣٠)، وأبو عوانة (١/ ٢٩٥/ ١٠٤٠)، وأبو نعيم في المستخرج (٢/ ٢٣٠/ ١٤٠٧)، والحاكم (٢/ ٢٨١)، وأحمد (٤/ ٣٠١)، والروياني (٤٣٠)، والسراج في مسنده (٥٥٦ و ١١٠٣)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ١٧٣)، وفي المشكل (٨/ ٢٢٨ / ٥٨٥٩ م- ترتيبه)، وابن جرير الطبري في تفسيره (٢/ ٥٧٥/ ٥٤٤٠)، وابن حزم (٤/ ٢٥٨)، والبيهقي (١/ ٤٥٩)، والخطيب في المبهمات (٩٨)، وابن الجوزي في التحقيق (٣٥٠)، والمزي في التهذيب (١٢/ ٥٥٦).
ولم ينفرد به فضيل بن مرزوق: فقد رواه الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب، قال: قرأناها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمانًا: "حافظوا على الصلوات والصلاة العصر"، ثم قرأناها بعد {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، فلا أدري أهي هي أم لا؟.
علقه مسلم (٦٣٠ م)، ووصله أبو عوانة (١٠٤١)، وأبو نعيم (١٤٠٨)، والبيهقي (١/ ٤٥٩).
كذا قال البراء في هذه الرواية، وفي رواية فضيل: فقال رجل كان جالسًا عند شقيق له: هي إذًا صلاة العصر. فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم.
وهذا أيضًا لا يصلح دليلًا لهم بدعوى أنها كانت العصر، ثم نسخت، وذلك لاحتمال أن المنسوخ هنا هو اللفظ فقط دون المعنى، وهذا هو الأظهر، فإن غاية ما فيه أنها أبهمت بعد ما عُينت.

الصفحة 83