كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

في جامع التحصيل (٥١٥): "وذكره ابن المديني [يعني: عروة بن الزبير] فيمن لم يثبت له لقاء زيد بن ثابت"، وتبعه عليه أبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (٢٢٦).
لكن الحق بخلاف ذلك، فإن كلام ابن المديني في هذه المسألة قد فرقه في العلل في ثلاثة مواضع، وأشبه المواضع بما نقله العلائي هو الموضع الثاني، وهذا نصه بتمامه، والذي يبين خلاف ما نقل العلائي، قال ابن المديني في العلل (٥٣): "وكان أصحاب زيد بن ثابت الذين يذهبون مذهبه في الفقه ويقولون [في المدخل إلى السنن الكبرى: ويقومون] بقوله هؤلاء الاثني عشر، كان منهم من لقيه ومنهم من لم يلقه، كان ممن لقيه من هؤلاء الاثني عشر: قبيصة بن ذؤيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، وأبان بن عثمان، وسليمان بن يسار.
وكان ممن يقول [وفي نسخة: يقوم. وانظر: المدخل إلى السنن (١٦٥)، تاريخ دمشق (١٩/ ٣٢٨)] بقوله ممن لا يثبت له لقاؤه مثل هؤلاء الأربعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان [في نسختين من العلل: "وقبيصة بن ذؤيب"، وهو سبق قلم من الناسخ أو انتقال بصر، والذي يؤكد ذلك ما في المدخل إلى السنن الكبرى (١٦٥)، وتاريخ ابن عساكر (١٩/ ٣٢٨): إذ لم يُذكر قبيصة في هذين المصدرين في هذا الموضع، بل ذُكر مكانه مما سقط من نسخة العلل: "وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وسالم، والقاسم"].
وبهذا النقل يتبين أن ابن المديني أراد أن يفرق بن طبقتين من أصحاب زيد بن ثابت، طبقة طالت صحبتها وأكثرت عن زيد، وطبقة أخرى دونها في الصحبة وكثرة الرواية.
وكان ابن المديني قبل ذلك قد سوي بين هاتين الطبقتين في ثبوت اللقاء، فقال في العلل (٥١): "فأما من لقيه منهم، وثبت عندنا لقيه: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقبيصة بن ذؤيب، وخارجة بن زيد، وأبان بن عثمان، وسليمان بن يسار.
ولم يثبت عندنا من الباقين سماع من زيد فيما ألقي إلينا ... " [وانظر: تاريخ دمشق (٢٥/ ٤٩)].
ثم هو في الموضع الثالث قد ذكر دليله على ثبوت لقاء عروة لزيد، فقال: "وعروة بن الزبير: روى عن زيد بن ثابت، وروى عمن روي عنه، وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه، أنه سمع أبا حميد يحدث بحديث الصدقة، فقال أبو حميد: سمع أذنيه، وبصر عينيه، وسلوا زيد بن ثابت فقد سمعه معي [مسلم (١٨٣٢)].
فهذا يدل أن عروة سمع هذا من أبي حميد، وزيد حي".
قلت: فهذه النقول الثلاثة، عن ابن المديني تبين: أنه كان يثبت لعروة بن الزبير لقاء زيد بن ثابت.
وأما ما ذُكر عن الدارقطني، فهو ما قاله في العلل (٦/ ١٢٧/ ١٠٢٦) في ذكر الاختلاف في حديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما قرأ في الركعتين الأوليين من المغرب

الصفحة 88