كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 5)

رواه عن محمد بن عمرو: شعبة، والثوري، وعلي بن مسهر، وغيرهم، شك بعضهم في العصر، ركعة أو ركعتين، ورواية من لم يشك أولي، وهي الموافقة للمحفوظ من هذا الحديث.
وهذا إسناد حسن، والحديث صحيح.
• وقد يتوهم متوهم أن الزهري اختصر حديث أبي سلمة هذا، بينما رواه يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو بن علقمة بلفظه تامًّا من غير اختصار.
قال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٢٤٢ - ط إحياء التراث): "هؤلاء قوم جعلوا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" في معنى قوله عليه السلام: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" فليس كما ظنوا؛ لأنهما حديثان لكل واحد منهما معنى".
والذي يمنع من القول بأن الزهري اختصر هذا الحديث أمور منها:
١ - أن الزهري حافظ، متقن لما يحفظ، قال ابن وهب عن الليث: كان ابن شهاب يقول: "ما استودعت قلبي شيئًا قط فنسيته"، وكان يروي الحديث كما سمع، قال ابن عيينة عن عمرو بن دينار: "ما رأيت أنص للحديث من الزهري" [التهذيب (٣/ ٦٩٩)، السير (٥/ ٣٢٦)].
٢ - أن الزهري إمام عالم فقيه، عالم بما يحيل المعاني، ومعلوم أن حديث يحيى بن أبي كثير إنما هو في إدراك الوقت، وحديث الزهري عام في إدراك الوقت والجماعة والحكم والفضيلة، ولا يخفى مثل هذا على الزهري الفقيه.
٣ - أن الزهري لم ينفرد بهذا الحديث من حديث أبي هريرة، بل توبع عليه -كما سيأتي-، وإن كان الزهري لا يضره تفرده.
٤ - أن الأئمة -كمالك، والشافعي، وأحمد- احتجوا بالحديثين كل في بابه، وهما عندهم محفوظان.
• إذا تبين هذا:
فقد روى الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة".
وفي رواية: "من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك الصلاة"، وفي لفظ "من صلاة ركعة".
وفي رواية عبيد الله بن عمر العمري [وهو ثبت في الزهري، في الطبقة الأولى من أصحابه. انظر: شرح علل الترمذي (٢/ ٦١٣)]: "من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدركها كلها" [وانظر: تاريخ دمشق (١٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩)].
أخرجه البخاري في الصحيح (٥٨٠)، وفي القراءة خلف الإمام (١٩٨ و ١٩٩ و ٢٠٢ -

الصفحة 99