كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 6)

ورواه عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، إمام]، فقال في روايته: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الأذان تسع عشرة كلمةً، والإقامة سبع عشرة كلمةً، ثم عدَّها أبو محذورة تسع عشرة كلمةً، وسبع عشرة. [النسائي].
ومنهم من رواه مختصرًا مقتصرًا على الجملة الأولى في عدد كلمات الأذان والإقامة، مثل: العباس بن الفضل البصري أبو عثمان الأزرق [ضعيف جدًّا، قال البخاري وأبو حاتم: "ذهب حديثه". التهذيب (٢/ ٢٩٣)].
• وخالف هؤلاء جميعًا في إسناد هذا الحديث فوهِم: أبو داود الطيالسي حيث رواه في مسنده (٢/ ٦٩٢/ ١٤٥١) فقال: حدثنا همام، عن عامر الأحول، عن مكحول، عن ابن أبي محذورة، عن أبيه، قال: علَّمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان تسعة عشر حرفًا.
قال راوي مسنده أبو بشر يونس بن حبيب متعقبًا شيخه: "وذكروا أنه: عن مكحول، عن ابن محيريز، عن ابن أبي محذورة، عن أبيه".
قلت: وهو وهم أيضًا، والصواب رواية الجماعة، ليس لابن أبي محذورة فيه ذكر.
• والذي يظهر لي فيما رواه الجماعة -والله أعلم- أن هذا الاختلاف في الاختصار والإطالة إنما هو من همام بن يحيى نفسه، وهو ثقة إلا أنه كان في حفظه شيء، لكن هذا الاختلاف مما لا يضر، فسواء اقتصر على قوله: "علَّمه الأذانَ تسعَ عشرةَ كلمةً، والإقامةَ سبعَ عشرةَ كلمةً"، أو زاد عليها فسرد ألفاظَ الأذان، ثم اقتصر على قوله: "والإقامة: مثنى مثنى"، أو زاد عليها سردَ ألفاظِ الأذان والإقامة معًا، فالمعنى في ذلك كلِّه واحدٌ لا يختلف، إذ ألفاظ الأذان والإقامة لأبي محذورة ليس مما يخفى على أهل العلم، والضابط لها أن جمل الأذان: تسع عشرة، والإقامة: سبع عشرة، والله أعلم.
• وقد تابع همامًا على جملة العدد فقط دون ذكر الألفاظ:
سعيد بن أبي عروبة، عن عامر بن عبد الواحد الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة، قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان: تسع عشرة كلمةً، والإقامة: سبع عشرة كلمةً.
أخرجه الطبراني في الكبير (٧/ ١٧١/ ٦٧٣٠)، وفي الأوسط (٣/ ٢٦١/ ٣٠٩١)، وفي مسند الشاميين (٤/ ٣٦٠٣٥٥٩).
قال: حدثنا بكر بن سهل الدِّمياطي، قال: نا عمرو بن هاشم البيروتي، قال: نا عبدة بن سليمان الكلابي، عن سعيد بن أبي عروبة به.
قال الطبراني في الأوسط: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد إلا عبدة، تفرد به عمرو".
قلت: لا يضر تفرد عبدة به عن ابن أبي عروبة، فهو من أثبت الناس فيه، ممن روى عنه قبل الاختلاط.
لكن الشأن في تفرد عمرو بن هاشم البيروتي عن عبدة بن سليمان الكلابي، الكوفي، الثقة الثبت، مع كثرة أصحابه الثقات.

الصفحة 10