كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 6)

وقال (١/ ٢٧٦): "وزاد همام في حديثه ذكر الإقامة فتركته؛ لأن هشامًا أحفظ وأتقن منه، ولأن إجماع أهل الحرمين على خلاف زيادته".
وقال البيهقي في الخلافيات (١/ ٥٠٩ - ٥١٣ - مختصره) عن حديث همام: "وليس هذا الخبر عندي بمحفوظ من وجوه:
أحدها: أنه لو كان محفوظًا لما تركه مسلم بن الحجاج. . . .
والثاني: أنا قد روينا خلافه عن أبي ريحانة [كذا في المطبوع، وفي نصب الراية (١/ ٢٦٨): عن أبي محذورة، وهو الأقرب].
والثالث: وهو أصحها أنه لم يدم عليه أبو محذورة، ولا أولاده، ولو كان هذا حكمًا ثابتًا لما فعلوا بخلافه، روى إسحق بن إبراهيم الحنظلي في المسند: عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال: أدركت أبي وجدي وهم يؤذنون هذا الأذان الذي أؤذن، فقلت: صف لي، فذكره بالترجيع، قال: ثم يقيم فرادى، فذكرها فرادى.
قال الشافعي: أدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز، وسمعته يحدث عن أبيه، عن ابن محيريز، عن أبي محذورة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، معنى ما حكى ابن جريج.
قال الشافعي رحمه الله: سمعته يقيم، يقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
قال الشافعي: و [حسبتني] سمعته يحكي الإقامة خبرًا كما يحكي الأذان،. . . " إلخ ما قال البيهقي فقد أطال النفس جدًّا في الرد على المخالف.
وقال في المعرفة (١/ ٤٢٦): "ودوام أبي محذورة وأولاده على الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة: يضعف هذه الرواية، أو يدل على أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة، ولذلك أو لغيره ترك مسلم بن الحجاج رواية همام عن عامر، واعتمد على رواية هشام عن عامر التي ليس فيها ذكر الإقامة، والله أعلم".
وقال أيضًا (١/ ٤٣٨ - ٤٣٩): "وفي بقاء أبي محذورة وأولاده على إفراد الإقامة: دلالة ظاهرة على وهم وقع فيما روي في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة، وأن الحديث في تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة فقط، فجعلها بعض الرواة على جميع كلماتها، وفي رواية حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن ابن جريج ما يدل على ذلك،. . .، وإن كانت محفوظةً في جميع كلماتها: ففيما ذكرنا دلالة على أن الأمر صار بعد ذلك إلى إفراد الإقامة، لولا ذاك لم يُقَرُّوا عليه في حرم الله عز وجل، ثم أولاد سعد القرظ في حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد قال الشافعي رحمه الله -في رواية الزعفراني عنه- في ترجيع الأذان وإفراد الإقامة:

الصفحة 13