كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 6)

وهذا جواب في غاية البعد عن الصواب؛ فإن معاذًا كان أفقه في دين الله من أن ينهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يعود له، وأجود من هذا الجواب: أن يكون قرأ في الركعة الأولى بسورة البقرة، وفي الركعة الثانية سورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، فسمعه من صلى معه من الركعة الأولى، فقال صلى بسورة البقرة، وبعضهم سمع قراءته في الثانية، فقال: صلى بسورة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}، والذي في الصحيحين: أنه قرأ سورة البقرة، وشك بعض الرواة فقال: البقرة والنساء، وقصة قراءته بسورة اقتربت: لم تذكر في الصحيح، والذي في الصحيح أولى بالصحة منها، وقد حفظ الحديث جابر، فقال: كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم أتى قومه فأمهم، فافتتح سورة البقرة، وذكر القصة، فهذا جابر أخبر أنه فعل ذلك مرة، وأنه قرأ بالبقرة، ولم يشك، وهذا الحديث متفق على صحته، أخرجاه في الصحيحين، والله أعلم".
[وانظر: المجموع شرح المهذب (٤/ ٢١٤)، طرح التثريب (٢/ ٢٤٢)].
٣ - معاذ بن رفاعة الزرقي:
يرويه سليمان بن بلال، ووهيب بن خالد:
عن عمرو بن يحيى المازني، عن معاذ بن رفاعة الأنصاري الزرقي، عن رجل من بني سلِمة [وفي رواية سليمان: أن رجلًا من بني سلِمة] يقال له: سُلَيم، أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار، فينادي بالصلاة، فنخرج إليه، فيطوِّل علينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معاذ بن جبل! لا تكن فتَّانًا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك"، ثم قال: "يا سُلَيم! ماذا معك من القرآن؟ " قال: إني أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، والله ما أُحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهل تصير دندنتي ودندنة معاذ إلا أن نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار؟ "، ثم قال سليم: سترون غدًا إذا التقى القوم إن شاء الله، قال: والناس يتجهزون إلى أُحُد فخرج، وكان في الشهداء، رحمة الله ورضوانه عليه.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ١١٠)، وأحمد (٥/ ٧٤)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ٤٠٩)، وفي أحكام القرآن (١/ ٢٠٨/ ٣٩٤)، والطبراني في الكبير (٧/ ٦٧/ ٦٣٩١)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٣/ ١٣٦٧/ ٣٤٥١)، وابن عبد البر في الاستيعاب (٢/ ٦٤٨)، والخطيب في المبهمات (١١٧)، وابن بشكوال في الغوامض (٥/ ٣١٨)، وابن الأثير في أسد الغابة (٢/ ٥١٦).
قال ابن حزم (٤/ ٢٣٠): "هذا خبر لا يصح؛ لأنه منقطع؛ لأن معاذ بن رفاعة لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أدرك هذا الذي شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعاذ"، ثم ذكر أن سليمًا صاحب هذه القصة قُتل يوم أحد.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٢/ ١٧١): "وهذا لفظ منكر، لا يصح عن أحد يحتج بنقله".

الصفحة 634