كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 6)

قال البزار: "لا نعلم أحدًا ممن روى عن جابر سمى هذا الرجل إلا ابن جابر".
قلت: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي وأبو داود الطيالسي: ثقتان حافظان، وأبو سلمة أثبت وأتقن، لكن علة هذا الحديث في طالب بن حبيب المعروف بابن الضجيع، فإنه وإن مشاه ابن عدي، وذكره ابن حبان في ثقاته، لكن قال فيه الإمام البخاري: "فيه نظر"، وهي من ألفاظ الجرح الشديد عند البخاري، ولذلك أورده العقيلي في الضعفاء، وهو مع ذلك قليل الرواية جدًّا [انظر: التهذيب (٢/ ٢٣٤)، الميزان (٢/ ٣٣٣)، وقال: "ضُعِّف". الضعفاء الكبير (٢/ ٢٣١)، الكامل (٤/ ١١٩)، الإصابة (٢/ ٦١)]، وهو كما ترى هنا قد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فهو مرة يجعله من مسند حزم بن أبي كعب، ومرة يجعله من مسند جابر، وأصحاب جابر الذين رووا حديثه هذا أمثل: عمرو بن دينار، وأبي الزبير، ومحارب بن دثار، وأبي صالح] لم يسموا الأنصاري، ورواية هؤلاء الثقات الحفاظ أولى بالقبول، من رواية هذا الذي تلوح على روايته أمارات ضعفه.
والحاصل: أن حديثه هذا ضعيف، والله أعلم.
٥ - أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلًا:
يرويه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: كان معاذ بن جبل يؤم قومه فمر فتى منهم بناضحه يريد سقيته، فثوِّب بالصلاة، فترك ناضحه بالباب، ودخل يصلي مع معاذ، فطوَّل، فلما رأي ذلك الفتى صلى ثم خرج، فلما انصرف معاذ ذُكر ذلك له، فذَكر ذلك معاذ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال الفتى: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مررت ومعي ناضحي أريد سقيتي، فثوب بالصلاة، فدخلت لأصلي مع معاذ، فطوَّل، فخشيت أن يذهب ناضحي، وأن يفوتني سقيتي، فصليت ثم خرجت، وإني والله ما أدري ما ديدنتك وديدنة معاذ؟ ولكني أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن وراء ذلك أخوض أنا ومعاذ" ثم قال: "يا معاذ أَعُدتَ فتانًا؟ إذا صليت بالناس فخفف؛ فإنه يقوم وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة، وإذا صليت لنفسك فطوِّل ما شئت".
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (٣/ ٢٩٤ - ٢٩٥/ ١٤٠١)، والخطابي في غريب الحديث (١/ ١١١).
وهذا مرسل بإسناد حسن.
قال الخطابي: "السقية: النخل التي تسقي بالسواني، ... ، وقوله: أعدت فتانًا، معناه: أصرت فتانًا".
• ومما روي في معنى قصة معاذ:
قال ابن حجر في التلخيص (٢/ ٣٨): "وروى الإسماعيلي من حديث عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع من المسجد صلى بنا.
وهذا أحد الأحاديث الزائدة في مستخرج الإسماعيلي على ما في البخاري، وقال: إنه حديث غريب".

الصفحة 636