كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 6)

والأدلة على هذا المعنى كثيرة، منها:
١ - حديث أبي ذر: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة؟ "، أو قال: "يؤخرون الصلاة؟ " قلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّها، فإنها لك نافلة"، وهو حديث صحيح، تقدم برقم (٤٣١).
٢ - حديث يزيد بن الأسود: "إذا صلى أحدكم في رَحْله، ثم أدرك الإمام ولم يُصلِّ، فَلْيُصَلِّ معه، فإنها له نافلةٌ"، وهو حديث صحيح، تقدم برقم (٥٧٥).
٣ - حديث أبي سعيد: "ألا رجلٌ بتصدَّق على هذا فيصلِّيَ معه"، وهو حديث صحيح، تقدم برقم (٥٧٤).
ولهذه الأحاديث شواهد في معناها تقدم ذكرها في موضعها، وإنما ذكرت أصل الدليل فقط، وتكلمت على فصل من هذه المسألة تحت الحديث رقم (٥٧٨).
• ومن فوائد حديث معاذ أيضًا:
٢ - جواز الصلاة في اليوم مرتين إذا كانت إحداهما فريضة، والأخرى نفلًا، لفعل معاذ - رضي الله عنه -، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - له على ذلك، وقد تقدم الكلام على هذه المسألة تحت الحديث رقم (٥٧٩).
٣ - جواز مفارقة المأموم للإمام، وإتمام صلاته منفردًا؛ إذا كان لعذر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على الرجل الذي خرج من صلاة معاذ لما أظهر عذره، ولا أمره بالإعادة، قال البغوي في شرح السنة (٣/ ٧٣): "وفيه دليل على أن الخروج عن متابعة الامام بالعذر لا يفسد الصلاة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الرجل بإعادة الصلاة حين أخبره أنه فارق معاذًا في الصلاة"، وقال ابن قدامة في المغني (٢/ ٣٤): "ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل بالإعادة، ولا أنكر عليه فعله" [انظر: الأوسط لابن المنذر (٤/ ٢٠٠)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٣٢)، شرح مسلم للنووي (٤/ ١٨٢)، البدر المنير (٤/ ٤٩٣)].
٤ - أن أحق القوم بالإمامة أقرؤهم وأفقههم، فقد كان يصلي خلف معاذ جماعة من الصحابة نص عليهم ابن حزم في المحلى، منهم: جابر بن عبد الله راوي حديثه هذا [انظر: طرح التثريب (٢/ ٢٣٩)].
٥ - أن من كفَّر أخاه متأولًا لم يكفر بذلك، وكان معذورًا، فلم يدخل تحت الوعيد المذكور في الحديث: "إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما"، قال ابن بطال في شرح البخاري (٩/ ٢٩١): "وكذلك عذر عليه السلام معاذًا حين قال للذي خفف الصلاة وقطعها خلفه إنه منافق؛ لأنه كان متأولًا؛ فلم يكفر معاذ بذلك".
وقال البيهقي: "ومن كفَّر مسلمًا على الإطلاق بتأويل لم يخرج بتكفيره إياه بالتأويل عن الملة"، واحتج بحديث معاذ هذا، ثم قال: "والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد معاذًا على أن أمره

الصفحة 643