كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 7)

وشبابة بن سوار: ثقة حافظ، وقد نُقم عليه الإرجاء، وقد كان داعيًا إلى بدعته، وقيل: رجع عنها، وقد أنكر الإمام أحمد على شبابة أحاديث، وهذا منها، قال أبو بكر الأثرم: "قلت لأبي عبد الله: حديث شبابة الذي يرويه عن شعبة عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر؟ قال: ما أدري أخبرُك؟ ما سمعته من أحد -يعني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدباء والمزفت-[وقال أحمد في موضع آخر: وهذا إنما روي عن شعبة بهذا الإسناد: حديث الحج. ضعفاء العقيلي (٢/ ١٩٥)، تاريخ بغداد (٩/ ٢٩٦)]، ثم قال لي أبو عبد الله: وحديثه الآخر الذي يرويه عن شعبة عن نعيم بن أبي هند، رواه إنسان يقال له: بكر بن عيسى -من أصحاب أبي عوانة، وأثنى عليه، كان يعالج البز- فخالفه في كلامه، قلت له: وأسنده ذاك أيضًا؟ فقال: نعم، قال: عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة -يعني: حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه صلى خلف أبي بكر في مرضه-،. . . " [تاريخ بغداد (٩/ ٢٩٧)، وانظر: ضعفاء العقيلي (٢/ ١٩٥)].
وحديث الدباء والمزفت الذي تفرد به شبابة عن شعبة، قال فيه البخاري: "هذا حديث شبابة عن شعبة"، ثم قال الترمذي عن البخاري: "لم يعرفه إلا من حديث شبابة"، ثم قال: "قال محمد [يعني: البخاري]: ولا يصح هذا الحديث عندي" [علل الترمذي الكبير (٥٧٥)]، وقال أبو حاتم: "هذا حديث منكر، لم يروه غير شبابة، ولا يعرف له أصل" [علل الحديث (٢/ ٢٧/ ١٥٥٧)]، يعني: من حديث شعبة، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من قبل إسناده، لا نعلم أحدًا حدث به عن شعبة غير شبابة، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أوجه كثيرة: أنه نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت، وحديث شبابة إنما يستغرب لأنه تفرد به عن شعبة، وقد روى شعبة وسفيان الثوري بهذا الإسناد عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الحج عرفة"، فهذا الحديث المعروف عند أهل الحديث بهذا الإسناد" [العلل الصغير (٧٠ - ٧١)، شرح العلل (٢/ ٦٤٤ و ٦٤٧)]، وقال ابن عدي: "ولا أعلم رواه عن شعبة في الدباء غير شبابة، وإنما روى شعبة بهذا الإسناد عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر، في ذكر الحج" [الكامل (٤/ ٤٥)]، ولم يصب ابن المديني في عدم إنكار هذا الحديث على شبابة، وقد ساق الأئمة حجتهم في إنكارهم على شبابة هذا الحديث، وقولهم هو الصواب.
وقد ذهب الإمام أحمد في شبابة إلى أبعد من هذا، حيث قال في مسائل ابنه صالح (٣٤٤): "كان يذهب إلى الإرجاء، زعموا أنه غير نحوًا من خمسين حديثًا"، وهذا قدح شديد في شبابة لو ثبت، وقال أبو حاتم: "صدوق، يكتب حديثه، ولا يحتج به"، لكن العمل على توثيق الرجل، كما ذهب إليه جماعة من الأئمة، لقلة أوهامه، وقد ذهب ابن عدي إلى أنه لم ينكر عليه سوى ثلاثة أحاديث فقط، وقد احتج به الشيخان، والله أعلم [انظر: التهذيب (٢/ ١٤٧)، الميزان (٢/ ٢٦٥)].
وانظر أيضًا في أوهام شبابة: العلل ومعرفة الرجال (١/ ٤٧٥/ ١٠٩٤)، العلل لابن أبي حاتم (١/ ١٦١/ ٤٥٨)، الكامل في الضعفاء (٤/ ٤٥).

الصفحة 34