كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 7)

بصلاته، أمرهم - صلى الله عليه وسلم - حينئذ بالقعود، حين رآهم قيامًا، ولما فرغ من صلاته أمرهم أيضًا بالقعود إذا صلى إمامهم قاعدًا، وقد شهد جابر بن عبد الله صلاته - صلى الله عليه وسلم - حيث سقط عن فرسه فجُحش شقه الأيمن، وكان سقوطه - صلى الله عليه وسلم - عن الفرس في شهر ذي الحجة آخر سنة خمس من الهجرة، وشهد هذه الصلاة في علته - صلى الله عليه وسلم -، فأدى كل خبر بلفظه، ألا تراه يذكر في هذه الصلاة رفع أبي بكر صوته بالتكبير ليقتدي الناس به، وتلك الصلاة التي صلاها - صلى الله عليه وسلم - في بيته عند سقوطه عن فرسه لم يحتج أبو بكر إلى أن يرفع صوته بالتكبير ليُسمع الناس تكبيره، على صغر حجرة عائشة، وإنما رفعه الصوت بالتكبير في المسجد الأعظم الذي صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في علته، فلما صح ما وصفنا لم يَجُزْ أن يُجعل بعض هذه الأخبار ناسخًا لما تقدم على حسب ما وصفناه".
• وله طرق أخرى عن جابر:
١ - أبو جعفر محمد بن جعفر المدائني [ليس به بأس]، وقبيصة بن عقبة [صدوق]:
عن ورقاء بن عمر، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: وُثِيَت رِجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخلنا عليه، فخرج إلينا -أو: وجدناه في حجرته جالسًا بين يدي غرفة- فصلى جالسًا، وقمنا خلفه فصلينا، فلما قض الصلاة، قال: "إذا صليتُ جالسًا فصلوا جلوسًا، وإذا صليتُ قائمًا فصلوا قيامًا، ولا تقوموا كما تقوم فارس لجبابرتها، -أو: لملوكها-".
أخرجه ابن خزيمة (٢/ ٣٧١/ ١٤٨٧)، وأحمد (٣/ ٣٩٥).
قال ابن خزيمة: "خبر غريب غريب".
قلت: رجاله رجال الصحيح، وورقاء بن عمر اليشكري: ثقة مشهور، محتج به في الصحاح، لكن تكلموا في حديثه عن منصور بن المعتمر، قال يحيى بن معين: "سمعت معاذ بن معاذ يقول ليحيى بن سعيد القطان: سمعتُ حديث منصور، فقال يحيى: ممن سمعتَ حديث منصور؟ قال: من ورقاء، فقال: لا يساوي شيئًا"، ولم يخرج له الشيخان من روايته عن منصور بن المعتمر شيئًا [ضعفاء العقيلي (٤/ ٣٢٧)، الكامل (٧/ ٩٠)، تاريخ بغداد (١٣/ ٥١٥)، شرح علل الترمذي (٢/ ٨٠٧)، هدي الساري (٤٤٩)، التهذيب (٤/ ٣٠٦)]. قلت: فلعله لذلك استغرب خبره ابن خزيمة، والله أعلم.
٢ - خالد بن إلياس، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، قال: دخلت على جابر بن عبد الله بمكة، فوجدته جالسًا، يصلي لأصحابه العصر وهو جالس، قال: فنظرتُ حتى سلَّم، قال: قلت: غفر الله لك، أنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصلي بهم وأنت جالس؟ قال: أنا مريض فجلست، فأمرتهم أن يجلسوا فيصلوا معي، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما صلى رجل العتمة في جماعة، ثم صلى بعدها ما بدا له، ثم أوتر قبل أن يريم، إلا كان تلك الليلة كأنه لقي ليلة القدر في الإجابة"، وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الإمام جنة، فإن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" قال: كنا ننادي في بيوتنا للصلاة ونجمع لأهلنا.

الصفحة 48