كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود (اسم الجزء: 7)

ممن ينفرد عن الثقات بما ليس من أحاديث الأثبات؛ على قلة روايته، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد".
وقد أنكرتُ عليه حديثًا تفرد به عن نافع، والإسناد إليه لا يصح [انظر: ما تقدم تحت الحديث رقم (٥٤٧)]، وروى أيضًا عن نافع ما تابعه عليه جماهير الثقات [انظر الحديث المتقدم برقم (٣٤٢)].
قلت: فلعل المناكير وقعت في حديثه فيما حدث به عن الغرباء، أو فيما روى عن غير المشاهير ممن تُكُلِّم فيهم، أو لم يوثقوا، أو فيما روى عنه الضعفاء، وأما هنا فإنه يروى هذا الحديث عن أبي عبيد المذحِجي، حاجب سليمان بن عبد الملك، وهو: شامي ثقة، كان من أهل فلسطين، ولما ولي عمر بن عبد العزيز، قال له: "هذه الطريق إلى فلسطين، وأنت من أهلها، فالحق بها"، فعاد إليها مرة أخرى [التهذيب (٤/ ٥٥١)]، ومن ثم فتفرد مسرة بن معبد الفلسطيني عنه بهذا الحديث لا يستغرب، إذ هو من أهل بلده، وقد قال أبو حاتم: "ما به بأس"، لكن في تفرد أبي أحمد الزبيري الكوفي به عن مسرة دون أهل الشام غرابة، وقد سمعه أبو أحمد من مسرة بالكوفة، ففيه غرابة من هذا الوجه، وأبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي: ثقة ثبت، وليس في الحديث نكارة، فشطره الأخير مروي من حديث أبي سعيد من وجوه صحيحة، كما تقدم، وشطره الأول ثابت في أحاديث كثيرة.
• فهذه القصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وقد رويت عن عدد من الصحابة، منهم: أبو هريرة، وعائشة، وأبو الدرداء، وابن مسعود، وجابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وابن عباس، وغيرهم.
وفي الصحيح منها:
١ - شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن عفريتًا من الجن تفلَّت عليَّ البارحة ليقطع عليَّ الصلاة، فأمكنني الله منه فذعَتُّه [يعني: فخنقته]، وأردت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم أجمعون"، قال: "فذكرت دعوة أخي سليمان: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥]، قال: "فرده [الله] خاسئًا".
أخرجه البخاري (٤٦١ و ١٢١٠ و ٣٢٨٤ و ٣٤٢٣ و ٤٨٠٨)، ومسلم (٥٤١)، وأبو عوانة (١/ ٤٦٧/ ١٧٢٩ - ١٧٣١)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٢/ ١٤٠/ ١١٩١)، والنسائي في الكبرى (١٠/ ٢٣٥/ ١١٣٧٦)، وابن حبان (١٤/ ٣٢٩/ ٦٤١٩)، وأحمد (٢/ ٢٩٨)، وإسحاق بن راهويه (١/ ١٤٨ و ١٤٩/ ٨٨ و ٨٩)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (٩٨٣)، والدارقطني (١/ ٣٦٥)، والخطابي في غريب الحديث (١/ ١٦٣)، وأبو نعيم في الدلائل (٢٦٥)، والبيهقي في السنن (٢/ ٢١٩)، وفي الدلائل (٧/ ٩٧)، والبغوي في شرح السنة (٣/ ٢٦٩)، وغيرهم.

الصفحة 588